الباجي قائد السبسي : العجرفة أولا و أخيرا

   ان من استمع الى الحوار التلفزي في قناة الوطنية مع الباجي قائد السبسي يتأكد أن هذا الرجل يختزل طبقا عن طبق كل أمراض النظام السابق البورقيبي و النوفمبري و هو يذكرنا بزمن «الحاج كلوف» و   « أمي تراكي» و « أمي السيسي» و حكايات عبد العزيز العروي رحمه الله و «قافلة تسير» و «مدائح ة أذكار» كل يوم قبل صلاة الصبح و «توجيهات سيد الرئيس» و «الرئيس يروي التاريخ» و «محل شاهد».. هذا الرجل يتجسد فيه أولا افتقاد الفكر تماما و ملء هذا الفراغ بالحذلقة مرة و بالصخب مرة و بالنكت البائسة دوما.. و أبرز صفة تلازمه كما لازمت بورقيبة هي العجرفة و العنجهية ما جعل كلامه كاشفا له و فاضحا «اتركوه يتكلم اتركوه ينفضح»:
1 -قال عن حزب التحرير المبدئي العريق حزب رضا بالحاج ليكشف عن مفهومه لمعنى الحزب و الحزبية إذ هو يعتبر الشخص القائد هو الحزب.. أي أن الدكتاتور في الحزب هو الآمر و الناهي و الحكام و القاضي.. و بقية الحزب مجرد قطيع و توابع كما هو الشأن في حزب بورقيبة.. الحزب الذي يفكر بدلا عن الناس و يقرر بدلا عنهم.. و الذي كتم أنفاس البلاد و العباد.
حزب «القائد الأوحد» و المجاهد الأكبر» و حزب شعاره لاحقا «لا وفاء إلا لبن علي».. هذه الفلتة في تسمية الحزب تكتشف جزء من عقلية يمثلها السبسي تملك العصا و لكنها هذه المرة لم تجد من تضرب و المهم أن تضرب كما فعلت دوما و بلا رحمة و لا هوادة في وزارة الداخلية و في برج الرومي مع المساجين العزل. و نحن نؤكد أن حزب التحرير يعتبر الفكرة نواته و سر حياته و على أساسها يكون الانتماء.. و ليس المحور و المدار هم الأشخاص.. نحن لا نلتف حول الأشخاص كما هو الشأن في البيئة الدكتاتورية التي تربي فيها الباجي قايد السبسي و التي لا يرى سواها بيئة سياسية حتى بعد الثورة..      و حتى اذا جاءت سكرة الموت بالحق..

2 -قال السبسي في هذا الحوار لم أعط حزب التحرير رخصة و لن أعطيه و جوابنا على هذا التعجرف أن حزب التحرير لم يقدم ملفه الإداري «إعلام و خبر» لا لنظام بورقيبة و لا لنظام بن علي و الباجي منهما واقعيا و منهجيا و تحمل كل أوزارها.. لو فعل حزب التحرير ذلك يكون حينئذ قد أقر ضمنيا فرعون على عرشه بل ان الحزب ناضل و كافح و لقي العنت و دخل السجون و ما بدل تبديلا..
و لكن حزب التحرير قدم ملفه الإداري زمن الثورة التي جعلت أبناء النظام و الحزب الحاكم زمن الثورة التي جعلت أبناء النظام و الحزب الحاكم يلوذون بالفرار بأعلى درجات الخزي وقتئذ..
ثم ان المخول بالقبول و الرفض في ذلك الوقت حسب القانون كان وزير الداخلية لا أنت  فما دخلك؟؟
و لكنك أكدت مرة أخرى أنك الدكتاتور و أنك المتعجرف و فوق القانون حتى الذي وضعته أنت في مجلس بن علي.. هكذا علمك الطاغيتان و هكذا أنت..

3 -من تمام تناقض هذا الرجل بين الحال و المقال تصريحه «القرآن فيه كل شيء» فقد شهد على نفسه و علمانيته أنها منافية لأحكام القرآن ف «كل شىء» تشمل نظام الحكم و الاقتصاد أي نظام الدولة و المجتمع.. و حزب التحرير قام لتجسيد أحكام القرآن و السنة حقا وعدلا و رعاية و كفاية فالقرآن ليس كتاب للتبرك بوضعه في السيارة مترجما باللغة الفرنسية و الدخول به إلى مقر الهيئة استعراضا و تبجحا بل هو للتقيد و الامتثال
قال تعالى « و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء و هدى و رحمة و بشرى للمسلمين» ( النحل 89) « و أن احكم بينهم بما أنزل الله و لا تتبع أهواءهم»
قال السبسي عن أحد السياسيين الذين ذكروا له في البرنامج «سقاطة» و قال عن سياسية أخرى ذكرت له «ما هي الا مرا».. و هذا يفضح نوعية من الخطاب المتعجرف و ما بالطبع لا يتغير.. خطاب يستسهل الشتيمة و الابتذال هذا في حضور الكاميرا و ضبط النفس فما بالك في مقام غير هذا المقام و هذا الخطاب يفضح هذا الرجل شأنه شأن العلمانيين الذين يوظفون موضوع المرأة توظيفا رخيصا و ينافقون بموضوعها كل نفاق.. و فلتات اللسان تكشف المرتبة الدونية للمرأة في أعماق هؤلاء.
4 – حين ذكر للسبسي شاهد من جريدة «المصور» التونسية قال لا أعرف هذه الجريدة و أنا لا أقرأ الصحافة. في تكبر بغيض على الصحافة و الصحافيين.. و هذا يؤكد مرة أخرى العجرفة و أن هذا الرجل يعيش حاضره بفارق زمني يصل إلى حدود نصف قرن إلى وراء..
و كان المتوقع من الصحافيين أن يردوا ردا قويا على رجل لا يعرف صحافة شرعية الا جريدة الحزب الحاكم ( العمل- l’ action)
و للرجل سوابق كارثية مع الإعلام و الصحافيين فيها احتقار و ازدراء.

5 -تحدث السبسي عن الترويكا فقال: فيها الاشتراكي و فيها من لا يؤمن أصلا و قصد الإيمان بالله فإذا بالرجل يشق على قلوب الناس و يعرض بهم أي أنه يكفر..أي نعم يكفر.. بالمعنى الأول للتكفير.
و للرجل في هذا الصدد سوابق أيضا منها أنه قال من قبل في قصر المؤتمرات «السلفيون مش مسلمين.. احنا مسلمين) أليس هذا الرجل كتلة من التناقضات المرعبة و الخطيرة و التي لو خولت أي مساحة من قرار لأهلكت مرة أخرى الحرث و النسل و لاستعملت الدين ستارا و لحافا و مطية و معبرا ألم يكن رئيسه بن علي الذي أنساه عشرين سنة ذكر بورقيبة يسمي نفسه «حامي الحمى و الدين» و هو الذي أصاب الدين في الصميم..
و من تمام نصرة الباجي قائد السبسي للدين أنه ما فتئ يذكر بإيمانه بالأولياء و أنه يحترمهم و يزورهم و يحبهم و ربما و لا سيما الأحياء منهم هم الذين بشروه بالفوز بالرئاسة.. و لو قال مثل هذا الكلام إسلامي لاتهم بكل أنواع التخلف و الرجعية.. و لكن زمن الرويبضات عجيب غريب العجرفة فيه حكمة.
هل كتب على تونس أن تعاشر أمراضها بدل أن تتخلص منها؟

« و الذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها و آمنوا ان ربك من بعدها لغفور رحيم»  الأعراف 153

بقلم  أ. رضا بالحاج

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus (0 )