البنك المركزي, تغيير يتبعه آخر… ودار لقمان على حالها

البنك المركزي, تغيير يتبعه آخر… ودار لقمان على حالها

سبع حكومات بالتمام والكمال في أقل من سبع سنوات، مرت على تونس، بمعدل حكومة لأقل من سنة، ما لم يحدث سابقا في تاريخ البلاد. الضغط الأمني والسياسي  والاقتصادي الكبير الذي عرفته فرض هذا  الواقع، مرة بغضب الشارع، ومرة بالاغتيالات، وأخرى بالانتخابات، والمصير دائما يكون في قرار بالمغادرة، ولكن هذه المغادرة المحتومة لم تكن هذه المرة من نصيب الحكومة  مثل سابقاتها بل طالت محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري، حيث قرر رئيس الحكومة يوسف الشاهد تفعيل إجراءات إعفاءه من مهامه وتم تعيين مروان العباسي  خلفا له. وقد أوعزت عدة أطراف قرار إعفاء الشاذلي العياري، الذي يشغل منصب محافظ البنك المركزي التونسي منذ جوان 2012، إلى تصنيف تونس على القائمة السوداء للدول، التي يمكن أن تكون عرضة أكثر لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب الصادرة من قبل البرلمان الأوروبي, وكذلك في ظل تدهور قيمة الدينار بشكل متسارع أمام العملات الأجنبية، إزاحة تبدوا في ظاهرها من الوهلة الأولى شأنا داخليا محليّا بحتا، ، فلا بغضب الشارع، ولا بالاغتيالات، ولا بالانتخابات, وفي حقيقتها قرار متّخذ من قبل من وراء كواليس الأمر والنهي الأوروبي.

وهكذا صادق مجلس نواب الشعب – وكيل الدول الإستعمارية في خصوص المهام التشريعية لكي يحافظ على مصالحها الحيوية في البلاد –  مساء يوم الخميس 15 فيفري 2018 على تسمية مروان العباسي محافظا جديدا للبنك المركزي خلفا للشاذلي العياري بموافقة 134 صوتا مع احتفاظ 5 واعتراض 18

الوضع في تونس صعب لكنّه ليس بالمستحيل..

هكذا اعتبر محافظ البنك المركزي الجديد في ردّه على النوّاب خلال جلسة خصصت للتصويت على مقترح تعيينه في هذا المنصب وأضاف: علينا تغيير الممارسات وإيجاد الحلول ». مشيدا بأن أهم الإصلاحات تمت خلال « برنامج الإصلاح الهيكلي »، مستخلصا أن « الحالة صعبة وليست مستحيلة يمكن الخروج منها ولكن يجب تغيير التفكير بـ180 درجة »، ولكن عن أي ممارسات يتحدث وعن أي حلول يبحث ؟ هم موجودون حيث هم للتطبيق والتنفيذ لا للتفكير والبحث عن الحلول، و مادام هو يشيد  ببرنامج الإصلاح الهيكلي  الذي وضعه صندوق النقد الدولي بإشراف مباشر من الدول المانحة فالبحث ممنوع والتفكير محرم ، فالثابت أنّ الرجل لا يبشّر سوى بالمزيد من الالتصاق بخطوط صندوق النقد الدولي الموصلة إلى الهاوية ولا تجلب سوى الجدب والقحط .

حول تدهور سعر صرف الدينار

وأكّد مروان العباسي أنّ تدهور سعر صرف الدينار يعدّ في الأخير نتيجة في ظلّ هذه المؤشرات « لدينا ميزان تجاري منخرم وإنتاج ليس في المستوى المطلوب واستثمارات قليلة  » بمعنى أنّ التدهور الإقتصادي  الذي تشهده البلاد ليس بسبب  ضعف الدينار وهذا يؤكد أنّه لن يتخلى عن سياسة تعويم الدينار وأنه سائر في طريق سلفه من عدم  التدخل في تعديل الدينار، الذي يعتبر خطا أحمرا بالنسبة للصناديق المالية الدولية، وهو ما تم تضمينه في قانون البنك المركزي لسنة 2016، والتزمت به وزارة المالية والبنك المركزي في ماي 2016، من اجل ترك الدينار عائما (نحو الانهيار المدمّر) دون تعديل.
إنّ تعويم الدينار حقيقة قد أفضي إلى نتائج وخيمة ادت الى تراجع سعر صرف العملة المحلية مقابل الدينار وارتفاع الأسعار ، وهاته النتائج الكارثية مكشوفة لكل صاحب بصر وبصيرة، ساطعة كالشمس لا يحجب عن نورها و ضيائها إلاّ فاقد البصر والبصيرة .

أيّ جدوى لتغيير الأسماء مع بقاء نفس النظام ؟

إنّ منوال العمل السياسي في الأطر الديمقراطية يقتضي إحداث مقصود للتغيير يزيل بعض الوجوه ويحلّ آخرين لإيجاد بعض المصداقية للسياسة المتبعة وللقائمين عليها أمام الجمهور العريض، وليكون البعض كبش فداء يتحمل وحده كل الأوزار والأخطاء والفشل ، وهم بذلك يستبدلون الكذب بالدجل والخداع بالمكر، فهم لا يملكون البديل و يقرّون بفشلهم ، فماذا بعد عجزهم غير الرّحيل..؟

محمد زروق

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )