الفرصة السانحة بين قدرات الأمة وخذلان الحكام

الفرصة السانحة بين قدرات الأمة وخذلان الحكام

ما إن ظهرت أزمة الوباء العالمي كورونا حتى خرجت الأمة بتعبيراتها المختلفة لتظهر كعادتها أنها أمة حية ولها من الإمكانيات ما يجعلها في مستوى القيادة والزعامة لا في مستوى التبعية والعمالة.

كان هنالك حديث طويل ومدعم ب الإثباتات للخبراء دائما عن الخيرات المادية التي توجد في بلاد الإسلام والتي لا يختلف فيها اثنان, ولكنها تستغل من قبل الدول الغربية والتي على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ولا تأخذ منها الأمة إلا الشيء القليل.

ولكن مثل هاته الأزمات تظهر الإمكانيات البشرية للأمة معادن الشعوب وتخرج الأشياء الكامنة فيها وتنفض الغبار عن التبعية ولو جزئيا ولكن تجعلنا نخلص للحقيقة الثابتة والواضحة أن إمكانيات الأمة البشرية تعتبر خزان قوة تؤهلها للجدارة والقيادة دون الحاجة لغيرنا من دول الاستغلال الرأسمالي.

أزمة كورونا جعلتنا نشاهد أن المسلمين جسد واحد إذا اشتكى منه عضو يتداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى، شاهدنا الصدقات وإغاثة الملهوف, شاهدنا كيف تشكلت في الأحياء تجمعات الشباب وبحثهم عن المحتاجين وتوزيع الصدقات لهم.

وشاهدنا بالأساس قدرة الشباب على الصناعة وتصميم الآلات التي كانت لزمن قريب حكرا على الشركات الأجنبية بمجهودات فردية وإمكانيات بسيطة وسط غياب كامل للدولة.

عناصر القوة موجودة لبناء دولة كبرى ولكن…

وجود الثروة المادية والثروة البشرية مع وجود مبدأ الإسلام العظيم عقيدة ونظاما, مع وجود إرادة التغيير ووجود حزب مبدئي في الأمة كفيل بإحداث تغيير جذري وببناء دولة تولد كبرى وتكون قادرة على افتكاك مركز الدولة الأولى, ولكن تبقى الصخور التي وضعها الاستعمار أمام أحداث هذا التغيير هي العائق ولذلك وجب بذل الكثير من الجهد لتحطيم هاته الصخور وإيجاد الدولة المنشودة.

تغييرات في الموقف الدولي أم ثبات على نفس الحال

وجود أميركا في مركز الدولة الأولى يجعلها دائما متحكمة في المشهد الدولي خاصة إذا كان هناك استقرار في الوضع الدولي ولكن جائحة كورونا قد تفتح المجال للدول المزاحمة لها للتفكير في إحداث تغيير على مستوى الموقف الدولي وإزاحة أميركا من مكانتها، لكن الواضح أن الدول التي بإمكانها فعل ذلك لم يبدر عنها ذلك ولو على مستوى التصريحات وكأن هنالك حالة من الرضا أو عدم القدرة على أحداث تغيير.

فالاتحاد الأوروبي قد تعصف به الأزمة وتقضي على ما بقى منه خاصة بعد دعوات الخروج المتعالية من إيطاليا وإسبانيا وصرببا بعد أن تخلّ عنها الاتحاد تاركا إياها تواجه مصيرها أمام الوباء وبالتالي حتى وان بقي الاتحاد سيكون أضعف مما كان عليه في السابق

أما دولة كالصين فهي لن تزاحم أميركا عن مركز الدولة الأولى لعديد الأسباب الموضوعية التي تجعل من دولة كالصين تستفيد من الأزمة اقتصاديا ولكنها لن تستفيد منها سياسيا.

دول بإمكانها منازعة الدولة الأولى كبربطانيا وفرنسا وألمانيا لو غيرت سياساتها تجاه الولايات المتحدة , وكثير من الدول الأخرى ستحاول تحسين موضعها من التغييرات التي ستحصل بتحسين شروط تفاوضها مع الدولة الأولى, وأخرى ستبقى على الهامش.

ولكن بإمكان الأمة الإسلامية إحداث المفاجأة واستغلال الوضع..

إذا لم تحصل المجازفة لا يمكن الحديث عن تغييرات جذرية في الموقف الدولي وستكون التغيرات شكلية

الفرصة سانحة..

تحدث الكثير من المفكرين السياسيين عن العالم ما بعد كورونا وهو تفكير طبيعي يحصل بعد أي هزات عنيفة في المجتمعات وقد فعلت كورونا فعلتها في إحداث هزّة عنيفة في جميع الدول دفعت بالمفكرين إلى الحديث عن مراجعات للمنظومة المتحكمة في العالم, وهي الرأسمالية, وكذلك التفكير في التكتلات والاتحادات على غرار الاتحاد الأوروبي الذي قد يزول بعد زوال الجائحة, كما أثارت الأزمة الراهنة تساؤلات عديدة في علاقة الدول الكبرى بالدولة الأولى والوجه البشع الذي ظهرت به، كل هاته التساؤلات المطروحة تجعل الطريق أمام الباحثين عن التغيير من الأمة مفتوحة وتجعل الفرصة سانحة أمامهم بإحداث تغيير حقيقي إن هم تمكنوا من التعامل الجيد مع مقتضيات المرحلة ولذلك وجب حشد الجهود ودعوة المفكرين والعلماء والسياسيين والعاملين للتغيير والجيوش وعامة الناس لتجسيد عالم ما بعد كورونا ببناء دولة حقيقية قائمة على أساس الإسلام العظيم.

ولكن من مِن الحكام سيقف في صف الأمة وينتصر لمشروعها أم أنهم سيخذلوننا كعادتهم.

مهران المي

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus (0 )