المغرب »: الحُسيمة » تكشف حقيقة « المخزن »

المغرب »: الحُسيمة » تكشف حقيقة « المخزن »

      تسعى الحكومة المغربية بشتى الوسائل لمحاصرة الاحتجاجات  الشعبية التي بدأت في مدن الريف المغربي ثم  امتدت لتشمل عدة مدن مغربية مثل الرباط والدار البيضاء وطنجة والناظور, حيث نظمت عدة مسيرات ليلية عقب صلاة التراويح, وأصبحت هذه الأحداث تمثل عبأ إعلاميا على الحكومة المغربية التي عملت على الترويج للنموذج المغربي في الاستقرار والنجاح الاقتصادي.

مقتل بائع السمك محسن فكري

        هذه الاحتجاجات التي انطلقت شرارتها الأولى قبل ستة أشهر بعد مقتل بائع السمك « محسن فكري »  في 28 أكتوبر 2016 عند اعتراضه  على مصادرة السلطات المغربية لنوعية من الأسماك التي لا يسمح بصيدها في ذلك الوقت, فتمّ قتل « محسن فكري » طحنا في شاحنة الزبالة مع أسماكه. كانت هذه الحادثة بمثابة الزلزال الذي أصاب الشارع المغربي و القطرة التي أفاضت كأس المعانات والفقر والحرمان والتهميش  السائدة في منطقة الريف المغربي منذ عشرات السنين, لتنطلق سلسلة من التحركات الاجتماعية والاحتجاجات والاعتصامات التي تطالب  » المخزن » – الاسم المتداول  للعائلة الحاكمة- بحق الجهة بالتنمية وفك عزلتها وتوفير البُنية التّحتية الصحية والتعليمية الضرورية, كما تطالب بمعاملة أهالي الجهة دون تمييز أو  » حُقرة  » والتخلي عن التعامل الأمني مع مطالب الجهة.

       وبالرغم من مضي ستة أشهر على بداية الحراك إلا انه لم تبد عليه بوادر الضعف,  بل ازداد انتشارا داخل المدن المغربية الأخرى , خصوصا مع بروز قيادات ميدانية ذات توجه إسلامي من الشباب على غرار « ناصر زفزافي  » الذي كان لتدخله في مسجد « محمد الخامس » ب »الحسيمة » وغيرها عبر المواقع الالكترونية  أثرا كبيرا في إثارة الناس ضد سياسة العائلة الملكية التي تُعرف باسم « المخزن » وضد سياسة الخضوع والعمالة التي الفتها الأحزاب المشاركة في الحكم والقيادات الدينية المتحالفة معها.

الإنكار والتشويه الإعلامي

      وبالرغم من أن الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها منطقة الريف المغربي معلومة لدى الجميع بما فيها السلطة الحاكمة, وبالرغم من أن المؤشرات الموثقة لدى الجهات الرسمية أو الجهات الدولية كالبنك الدولي تظهر تميز منطقة الريف بارتفاع نسبة الأمية, ونسبة الانقطاع عن التعليم وبأنها الأقل حظا في الخدمات الصحية والتعليمية, بالرغم من كل ذلك فقد عمدت الجهات الرسمية إلى محاولة تشويه الحراك الاجتماعي باتهام « ناصر زفزافي » تارة بالانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية, وتارة بالعلاقة مع المخابرات الجزائرية, وأخيرا بتزعمه لحملة انفصالية هدفها تقسيم البلاد وإقامة كيان جديد, وهذا ما جعل سلطات « المخزن » تحرص على اعتقاله والادعاء بأن التهمة هي « تعطيل خطبة الجمعة » أولا, ثم بعد أن تم الاعتقال يتبين أن التهمة هي « تهديد امن الدولة ».

 ما خفي كان أعظم

       هذه الأوضاع التي تعيشها منطقة الريف المغربي, والتي لا تختلف كثيرا عن الأوضاع التي تعيشها المدن التونسية غير الساحلية, هي الدليل الكاشف لحقيقة الدولة تحت حكم العائلة الملكية الحاكمة. هذه الحقيقة هي التي عملت السلطات المغربية على إخفائها عبر الإعلام الرسمي تماما كما كان يفعل « بن علي » في تونس أيام حكمه. ولو تُرك المجال  للإعلام المغربي أن يعمل دون توجيه لكُشفت حقائق ربما تفوق في أهوالها وفضاعتها ما كان يعيشه الشعب التونسي من الفقر والتهميش, ولتبين الناس الكم الهائل من الثروات  ولأموال العامة المنهوبة من العائلة المالكة, والقدر الكبير من الاختراق السياسي والاقتصادي للدول الغربية لمختلف مفاصل الدولة.

     إن قضية الأمة الإسلامية واحدة وأوضاعها متشابهة, وأن السبب الرئيسي لشقائها هو وقوعها تحت سلطة أعدائها من الدول الاستعمارية الكافرة أما بصفة مباشرة أيام الاحتلال العسكري أو بصفة غير مباشرة عن طريق الوُكلاء كما هو الحال هذه الأيام. إن منطقة الريف المغربي التي تنتفض هذه الأيام ويعتقل أبناؤها هي التي أنجبت المجاهد « عبد الكريم الخطابي »   1882 – 1963   الذي كان أشهر من نار على علم في مقاومته للاستعمار الفرنسي والاسباني وأذاقهما الويلات وكلفهما آلاف القتلى. وإن التحركات الاجتماعية الأخيرة والتي جاءت بعد صبر طويل هي علامة وعي حقيقي  ورغبة جدية  في التغيير, ولن تفلح الأجهزة القمعية في تشويه الحراك الشعبي وكبح رغبة أبناء الأمة في المغرب في التحرر من واحد من أشد الأنظمة الملكية تخلفا وطغيانا وتبعية.

محمد مقيديش

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )