بعيدا عن الإسلام, رفضُ « صفقة القرن » وجه آخر للخيانة

بعيدا عن الإسلام, رفضُ « صفقة القرن » وجه آخر للخيانة

فلسطين, جرح ينزف دون توقف, ووجع تتصاعد حدته كلما ارتفعت نسبة النذالة في دماء حكام المسلمين. وهي تختزل أو تكاد كل آلام الأمة وكل أناتها وجميع عللها بسبب كثرة المتآمرين من حولها,  فقد اتحدوا على منع الدواء عنها كما منعوه عن باقي جسد الأمة بعد أن مزقته مِسطرة « سايكس » وشريكه « بيكو » ليتفرغوا لاحقا لزرع ذاك الورم السرطاني الخبيث المتمثل في « كياني يهود » في قلب الأمة, ومنذ تلك اللحظة وهم يعملون على تثبيت جذوره وضمان تمددها أكثر وأكثر، فعد قيامهم بعملية الزرع تركوا مهمة المتابعة والاشراف لحكام خونة  خاصة اولئك الخشب المسندة في ما سماه أحد أكبر الخونة « جمال عبد الناصر » بدول الطّوق, ثم باقي القطيع الذي نفش في حرث المسلمين من جاكرتا إلى غاية تطوان. ولكي يستفردوا بفلسطين أكثر صنعوا دمية سموها « منظمة تحرير فلسطين » وجعلوها الممثل الشرعي والوحيد لأهل فلسطين. وللإيغال أكثر في التضليل اعترفت « الأمم المتحدة » بتلك المنظمة, وهنا انطلقت عملية تأبيد ضياع الأرض المباركة بشكل مقنن, إذ أصبحت كل الحلول والتسويات الوهمية تمر عبر بوابة المنظمة الأممية, وهي كما هو معلوم اليد التي تبطش بها القوى الاستعمارية. وعبر نفس البوابة بدأ الكفاح الرخيص من أجل استرداد فلسطين ومعه اتسع الجرح إلى أن اصبحت فلسطين هي الجرح ذاته, كل السكاكين تتحرك في أعماقه من أهمها « اتفاق اوسلو » وأخيرا ما سموه ب »صفقة القرن ».

هذه الصفقة أسالت كما هائلا من الحبر وتعالت الأصوات بين قابل ورافض. نعم من بين حكام الضرار من هو رافض للصفقة التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والتي بموجبها تصبح القدس العاصمة الابدية ل كيان يهود الغاصب, وليس الحكام فقط بل الكثير من الأحزاب التي تسبح بحمد الولايات المتحدة وأشياعها ترفض هي بدورها ما جاء به « ترامب » وصاحت في وجهه متوعدته وبلاده بالويل والثبور إن هو لم يتراجع عن غييه ويحجم عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.انها الحقيقة وليست بالمزحة أو الاشاعة، أغلب الرويبضات انتفضوا في وجه « ترامب » يتقدمهم رئيس بلدية رام الله وما جاورها « محمود عباس ».. لقد اتهموا الرئيس الأمريكي بجرم عظيم لا يغتفر وهو مخالفته القانون الدولي وأقسموا جهد أيمانهم بأن لا يغمض لهم جفن حتى يُطبّق ذلك المسمى بالقانون الدولي وينال « ترامب » العقاب الذي يستحق.

نعم لقد جدّ الجد ولا مفر اليوم لأمريكا وكيان يهود من قصاص وعدل القانون الدولي, ولم يتخلف البرلمان التونسي عن ركب الرافضين لصفقة القرن, فقد جمع شتاته ونزع عنه رداء الصبيانية إذ بلغ فجأة سن الرشد وأصدر بيانا مزلزلا من المؤكد ارتعدت من شدته فرائص « ترامب » حيث أعلنها مدوية وأكد تمسّكه بثوابت الدستور التونسي في مناصرة الشعب الفلسطيني, نعم الدستور الذي ساهم في صياغته « نوح فلدمان » وكل يعرف من هو « نوح فلدمان »… كما أكد البرلمان إدانته لصفقة القرن والتي قال عنها أنها تضرب القوانين والثوابت الدولية عرض الحائط, وأنه لن يسكن عن هذا الخرق للقانون الدولي. ولم تشذ الأحزاب عن هذا التمشي وأعربت بدورها رفضها المطلق لهكذا صفقات وأكدت على تشبثها بالقانون الدولي معتبرة أنه هو الوحيد الضامن لحق الفلسطينيين وهو الوحيد القادر على قطع دابر كيان يهود من مسرا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لقد دخلت فلسطين في اطار القانون الدولي بشكل رسمي منذ احتلالها من قبل الجنرال « إدموند ألنبي »  وظلت مسألة فلسطين كما اعتادت الأمم المتحدة تسميتها احدى المسائل التي تدار في الأطر الدولية التي تعنى بالقانون الدولي كعصبة الأمم ولجنة الانتداب والأمم المتحدة. وقد اقترنت « القضية الفلسطينية » بالقانون الدولي إلى درجة أنه من الممكن تدريس القانون الدولي عبر تدريس تاريخ فلسطين والعكس أيضا صحيح, ليصبح لاحقا القانون الدولي والمؤسسات الدولية غطاء شرعيا لقيام « كيان يهود » ولجميع أعمال التهجير والقتل التي حدثت منذ مرحلة النكبة إلى اليوم.

هذا وقت فات هؤلاء السذج والأغبياء إن لم نقل هؤلاء الخونة والعملاء أن القانون الدولي وميثاق وقرارات الأمم المتحدة ومؤسساتها ومن قبلها عصبة الأمم الغاية من وجودها التصدي للدولة الاسلامية حين كانت قائمة والحيلولة دون عودتها بعد سقوطها وخدمة أجندات الدول الاستعمارية الكبرى. ومن أهم هذه الاجندات غرس الخنجر المسموم وهو كيان يهود في قلب الأمة الاسلامية. لذا قإن كل قرارات الأمم المتحدة والقوانين الدولية هي لمحاربة الاسلام والتنكيل بأهله, ولا يرتجى منها أدنى خير أو حلا منصفا. وللتذكير, نقول لكل من يعلق أملا على القانون الدولي إن فلسطين فتحها خليفة المسلمين عمر بن الخطاب, واستعادها من الصلبيين قائد جيش المسلمين صلاح الدين الأيوبي, ورفض اعطائها لليهود خليفة المسلمين السلطان عبد الحميد الثاني, ولم تعرف فلسطين الهوان كسائر أقطار بلاد المسلمين إلا بعد أن غيبوا دولة الإسلام. ففلسطين لن يستردها إلّا جيش يحركه خليفة تدفعه عقيدة الاسلام وتقيّده أحكام الاسلام, وديدنه حماية بيضة الاسلام. وما عدى ذلك لا يمكن استرداد ولو قبضة تراب من أرضنا المسلوبة. وما الانضواء تحت راية الامم المتحدة ومشتقاتها إلّا كمن يستجير من الهجيرة بالرمضاء وان كان الترحيب بما يقوم به شياطين الغرب تجاه أمتنا خيانة, فرفض سياستهم البغيضة تلك خارج بوتقة الإسلام ودائرة أحكامه خيانة مثلها, بل هي أشد منها وأعظم.

حسن نوير

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )