بلومبيرغ يحذر: تونس في دائرة العجز عن سداد الديون، والبنك الدولي « يبشّر » بازدياد معدل الفقر فيها بـ2.2%

بلومبيرغ يحذر: تونس في دائرة العجز عن سداد الديون، والبنك الدولي « يبشّر » بازدياد معدل الفقر فيها بـ2.2%

من المتوقع أن يؤدي تراكم الديون المتعثرة إلى جّر الدول النامية إلى سلسلة تاريخية من التخلف عن السداد، وفق تقرير صادر عن وكالة ”بلومبورغ”.

ووفق ما جاء في التقرير فإن كلا من تونس ومصر وباكستان والسلفادور تعد أكثر الدولة عرضة للتخلف عن سداد ديونها وذلك لارتفاع تكلفة تأمين ديون الأسواق الناشئة من عدم السداد إلى أعلى مستوى منذ غزو روسيا لأوكرانيا.
وأعلن البنك الدولي في مدونته أنه إذا استمر ارتفاع الأسعار العالمية في الأشهر المتبقية من عام 2022، بنفس الوتيرة التي كانت عليها في أشهره الأولى، واستمر الدعم قائمًا، فإن معدل الفقر سيزداد بمقدار 2.2 نقطة مئوية في تونس.
وأوضح مؤلفو المقال الذي نشر تحت عنوان “ارتفاع معدل التضخم وأثره على أوضاع الفقر في الشرق الأوسط وشمال افريقيا” يوم 30 جوان 2022″، أن التقديرات تشير إلى أن زيادة الأسعار العالمية أدت إلى ارتفاع معدل الفقر في تونس بـ1.1 نقطة مئوية وقد تم التخفيف من أثر ذلك على الأسر المعيشية من خلال دعم المواد الغذائية ومنتجات الطاقة”.
تُجمع غالبية مؤسسات التصنيف الدولي على أن تونس تتجه نحو عجز عن إيفاء التزاماتها تجاه الدائنين عام 2023. وسط تحذيرات من موجة غلاء جديدة (أكبر وأشد وطأة من التي يرزح تحتها الناس اليوم) ومزيد من انفلات التضخم نتيجة ارتفاع قيمة الواردات من مواد الطاقة والحبوب ومواد التجهيز الأولية.
وبحسب بيانات حول ميزانية تونس لعام 2022، فإن حجم الدين العمومي للدولة سيرتفع مع نهاية 2022 إلى 114 مليار دينار مقابل 107 مليارات دينار في 2021، ما يشكل زيادة تفوق 6 مليارات دينار. وارتفعت ديون تونس بعملة اليورو لتشكل 54.79 في المائة بعدما كانت في حدود 21.55 في المائة عام 2021، بينما يحافظ الدين بالدولار على النسبة نفسها تقريبا عند 17.53 في المائة.
ويواصل التضخم والغلاء زحفه على مقدرات عيش التونسيين، حيث تأخذ نسبه مسارا تصاعديا لم يتوقف منذ أشهر. وخلال شهر جوان الماضي واصلت نسبة التضخم اتجاهها صعودا لتبلغ مستوى 8.1 في المائة بعد تسجيل نسبة 7.8 في المائة خلال شهر ماي و7.5 في المائة خلال شهر أفريل و7.2 في المائة خلال مارس 2022، بحسب ما أورده المعهد الوطني للإحصاء الحكومي.
ولن يضير عامة الناس ولا خاصّتهم أن نذكّر بأن كل ذلك نتيجة حتمية لما اقترفته أيدي حكام ما بعد الثورة جميعهم إلا حدّ اليوم, حيث اعتبروا نهج التداين والخضوع لوصفات صندوق النقد الدولي أمرا مصيريا وأصرّوا على وضع البلاد على سكّة المتسولين بين محطّات البيع والشراء الغربية ومن فيها من دول استعمارية وأدواتها المالية… معرضين في المقابل عن أحكام الإسلام العظيم الذي يقضي أساسا بالاستناد على ثروات البلاد ومقدراتها المختلفة التي حباها الله إياها, وجعلها قسمة بين أهل البلاد ومنعها من أن تكون بين يدي الخواص والشركات المحتكرة والناهبة… ولا أن تكون موضوع صفقات تسليم وتسلم للشركات الأجنبية مقابل رشاوى وعمولات تؤخذ من قبل مسؤولين رويبضات لا يفقهون من أحكام رعاية الناس شيئا, ولا يعنيهم أمر الله وحسن تدبيره في خلقه أبدا.
ونضرب مثلا حقل نوارة للغاز الذي يحوي ثروة هائلة, مليون متر مكعب من الغاز يوميا.. هذا بحسب المعطيات المعلن من الجانب الرسمي.. ثروة منحت الدولة التونسية نصفها لشركة OMV.. « أيضا حسبما تصرح الجهة الحكومية », لماذا تصر كل سلطة تنصب على إبقاء حالة النهب المنظم هذه إذا لم يكن إقرارا جماعيا بحالة الاستلاب والإستعمار الذي تعيش على وطأته تونس منذ عقود, وإلا ألا تكفي عقود طويلة من الزمن لتخريج كفاءات تونسية قادرة على إدارة عملية استكشاف واستخراج واستغلال الثروات الطاقية دون تدخّل من أي طرف أجنبي وبلا تفريط في نصف الثروة للشركات المتكالبة على الصفقات المشبوهة..
إجراءات استثنائية / انقلاب / حكومة جديدة / دستور جديد… أيّا كانت المسميات, الحكم نفسه بقي مستمرا.. ضنك رأسمالي وخضوع لأوامر الدائنين
جاءت « إجراءات 25 جويلية » ولم تقطع مع سياسات صندوق النقد الدولي في علاقة بالأزمة المالية التي تعيشها البلاد والدليل على ذلك أن أول انخراط في الخضوع إلى املاءات الصندوق ومواصلة في تنفيذ برنامجه ووصفاته التي يقدمها لأزمة الاقتصاد التونسي هو التراجع في تنفيذ القانون عدد 38 الذي صادق عليه البرلمان المنحل والذي أقر تشغيل المعطلين عن العمل من ذوي الشهائد العليا وطالت بطالتهم على دفعات سنوية وبهذا التوقف عن تنفيذ هذا القانون فإن منظومة 25 جويلية تعلن التزامها بتوصيات الصندوق بالتوقف عن الانتداب في الوظيفة العمومية والقبول بمراجعة كتلة الأجور.
وصورة أخرى من انخراط منظومة 25 جويلية في مسار الوصفات والشروط التي يقترحها بل وفرضها الصندوق, المرسوم الحكومي عدد 20 والقاضي بمنع المدراء والمسؤولين في الدولة من التفاوض مع الطرف النقابي إلا بعد الحصول على إذن مسبق في القضايا التي لها علاقة بالزيادة في الأجور أو بمسائل لها مفعول مالي. وهي رسالة صريحة تعبر عن موقف الحكومة الحالية في ظل « تدابير 25 جويلية » من مسألة الانتدابات وكتلة الأجور التي يطالب الصندوق بمراجعتها قبل الدخول في التفاوض معه .
أيضا قانون المالية لسنة 2022 تضمن هو الآخر تضمن إجراءات وتوجهات للضغط على كتلة الأجور ومنع الانتدابات والتوظيف الجديد في الوظيفة العمومية .. وبرنامج « الإصلاح » الذي أعدته الحكومة تضمن هو الآخر تطبيق الشروط التي تقدم بها الصندوق بل أكثر من ذلك فإن وزيرة المالية في تصريح صحفي لها تقول بأن البرنامج الحكومي قد تضمن نقاط التقاء كثيرة وارتباط بما يطلبه الصندوق والتقيد بما طالب به. كما أجابت الوزيرة على سؤال طرح عليها خلال لقاء إعلامي حول خيارات الحكومة في صورة رفض صندوق النقد التعاطي إيجابيا معا حاجيات الحكومة المالية, أجابت بأن « لا وجود لخطة ب ». كل هذه المؤشرات والمعطيات تفيد بأن منظومة 25 جويلية في جانبها الاقتصادي لم تقطع مع السياسات القديمة ولا هي قامت بتأسيس جديد للمسألة الاقتصادية ولا أقامت بناء جديدا كما هو إعلانها وتمشيها حينما تعلق الأمر بالجانب السياسي في علاقة بنظام الحكم وبالخيارات السياسية وبالدستور .
وعليه, فإن مواصلة منظومة 25 جويلية التفاوض مع صندوق النقد الدولي بنفس الأفكار ونفس الأسلوب الذي اتبعته حكومات ما بعد الثورة, أسلوب الارتماء وفتح جميع أبواب البلاد وطاقاتها للصندوق ووضعها رهن التصرف والتدبير الكامل مقابل الحصول على القرض, ليس إلّا مواصلة في طعن البلاد وضرب مقومات وأساسيات الحياة الكريمة فيها في الصميم, فلا تغرنّكم الشعارات المرفوعة من رأس الدولة, فإن عشر سنوات من الحكم العلماني الرأسمالي وخطابات أهله الرنانة كافية لأن تقيم الحجة على عقولكم حتى تقفوا عن الانخداع بمعسول الخطابات دون التمحيص في الأفعال..
فإن ما يدعوا له ساسة اليوم هو ذاته ما دعا إليه ساسة الأمس المرتبطون بحبائل الدول الغربية وأنظمتها, وما اقترحه عليكم الرئيس قيس سعيد اليوم لا يمثل تغييرا لما سبق ذكره من سياسات رأسمالية عقيمة جائرة, عرضَ عليكم مشروع دستور بزينة غربية أهمّ ما يميّزه:
– لا يقيم لعقيدة المسلمين في هذا البلد وزنا ولا يجعل لها من اعتبار، ففصل الإسلام عن رعاية شؤون النّاس. في الاقتصاد والتعليم والإعلام والنظام الاجتماعي والأخلاقي بل وفي كل شيء…
– المحافظة على النّظام الرّأسمالي بوجهه الجمهوريّ وأداته الدّيمقراطيّة، ذات النّظام الذي ساسنا به جميع من سبقه.
– المحافظة على فصل البلاد عن بقيّة بلاد الإسلام. في سياسة فرق تسد.
انه بعد ما ترونه من فشل آليّ ومستمر لنظام الحكم الرأسمالي، وبعد أن بان لكم فساده، نخاطب إيمانكم بالله الخالق والمدبر, فنذكّركم بأن خالقنا لم يتركنا عبثا لأنفسنا, وإنما أنزل على رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم كتابا عظيما أحصى كل شيء عددا, وأوجب فيه علينا جميعا النقياد لأحكامه في جميع مناحي الحياة, ومنها المالية والاقتصادية.. وبما أننا وللأسف نعيش اليوم حالة من استبعاد أحكام الاسلام والعظيم ومحاربته رأسا من قبل حكامنا, فإن تونس لم ولن تخلوا من المخلصين لله ورسوله, العاملين الجادين لإعادة وضع أحكام الله موضعها في الحكم, فإن هنالك حزب التحرير الذي قدم لأهل تونس وللأمة الإسلامية عامة مشروع دستور فصل فيه جميع ما أوجبه الله من أحكام في الاقتصاد استنبطها بأدلتها الرعية من كتاب الله وسنة رسوله, ومن واجبنا اليوم وغدا أن ندعوكم إلى الإطلاع على هذا المشروع وتبنيه والمطالبة بتطبيقه في الحكم حتى تروا المعنى الحقيقي للتغيير واقعا ملموسا تعيشونه في تفاصيل حياتكم, فالحكم والقوانين في الإسلام تقوم على أساس الرّعاية، وليس على أساس المناورة والخداع للوصول إلى المناصب، فالرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: « كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيّته… » ولا يفوتنا كذلك أن ننذركم أنّ خطر النّظام الرّأسماليّ يتجاوز هذه الحياة الدّنيا الفانية إلى الآخرة حيث غضب الرّحمان ونار جهنم والعياذ بالله.

أحمد بنفتيته

CATEGORIES
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus (0 )