بين الحكومة واتحاد الشغل: مزايدات رخيصة وبيع أوهام

بين الحكومة واتحاد الشغل: مزايدات رخيصة وبيع أوهام

في فترة حكم المخلوع « بن علي » كان الجميع في سباق محموم نحو ترضيته ونيل حظوة لديه.. ومن بين الراكضين على مضمار في تلك الحقبة الاتحاد التونسي للشغل بقياد أمينه العام « عبد السلام الجراد » الذي جعل من اتحاد الشغل رافدا من روافد السلطة وأحد أضرع نظام « بن علي » حتى أنه أصبح ينافس الحزب الحاكم في خدمة « المخلوع » وتلميع صورة منظومته الفاسدة بل فاقه أحيانا أو يكاد.. وبقيام ثورة 14جانفي انقلبت المعطيات ..ولم يعد التمسح على أعتاب قصر قرطاج يجدي نفعا..لبس اتحاد الشغل جبة كان  يرتديها من حين إلى أخر قبل مجيء « بن علي »..إنها جبة النضال ..والكفاح من أجل مصلحة البلاد عامة.. وحقوق العمال بصفة خاصة..فمنذ أن بدأ عرش  » بن علي يترنح قفز اتحاد الشغل من مركب دعم السلطة ..وانخرط في ما يبدو في ظاهره انحياز لمصلحة تونس و أهلها.. ولم يجد الاتحاد أفضل من وتر الارتهان لقوى ما وراء البحار, وتدهور المقدرة الشرائية.. وغير ذلك من المآسي التي ينتجها يوميا نظام الحكم الحالي ليعزف عليه ويمرر من خلال ما يحدثه من نشاز.. كما مهولا من الأطماع والمكاسب كان يحققها زمن « بن علي » بطرق ووسائل لم تعد متاحة اليوم بسبب الثورة.

وفي المقابل نجد الطرف الآخر وهو الحكومة يسعى جاهدا لنيل رضا الناس مع الحرص الغريب والعجب على زرع ما يثير سخطهم وحنقهم .. ولكنه يخلق بأية طريقة كانت ما يمكنه من كسب الوقت لا غير, والاستمرار في موقعه ليس إلا.. ولنا في مقاله مؤخرا الموظف في السفارة الأمريكية السابق ورئيس الحكومة الحالي « يوسف الشاهد » أمام أعضاء مجلس نواب الشعب خير مثال على براعة الحكومة الحالية كسابقاتها في بيع الأوهام وترويج الأضاليل و الأكاذيب..فأثناء حديثه عن الملفات الحارقة شدد « يوسف الشاهد » على عزمه مواصلة الإصلاح كلفه ذلك ما كلفه..نعم  » يوسف الشاهد » قرر أن يواصل الإصلاح..وهل بدأ حتى يدعي المواصلة؟؟.. ف »يوسف الشاهد » بدأ من حيث انتهى أسلافه ولا نخاله سيتوقف بل سيواصل بسعي دءوب دونما كلل ولا ملل..فمنذ قيام ما يسمونه بدولة الحداثة على يد المقبور « بورقيبة بدأت آلة العمالة في حصد ثرواتنا وخيراتنا ثم تكديسها في بيادر القوى الاستعمارية والاكتفاء برمي الفتات لأهل البلاد على قارعة الإذلال.. ولم يتم الحصول عليه إلا بعد أن يخوض اتحاد الشغل حروبا ضارية يضحي فيها بكل نفيس, وغالبا ما يخرج منتصرا في مشهد « فلكلوري » يثير الاشمئزاز… كما أن رئيس الحكومة بمعية جوقته سيواصل حماية أفكار ومفاهيم الغرب بدعم غير مشروط من ما يسمى بالمجتمع المدني, ومجلس نواب الشعب, وكل مضبوع بالغرب وثقافته وحسبنا مسألة المساواة في الميراث بين الرجل المرأة دليلا.

هذا ما بدأه « يوسف الشاهد » وهذا ما سيواصله..أما إن كان يقصد بالإصلاح حربه المعلنة على الفساد..فذلك و كما قلنا تكرارا و مرارا أنه يندرج في خانة الضحك على الذقون و حشو العيون بالرماد ..الشيء الذي استغله اتحاد الشغل ودخل به وبقوة سوق المزايدات لتحقيق مآرب ومكاسب ذاتية.. فبين الحين والآخر يخرج أحد قيادي اتحاد الشغل يشكك في صدق وجدية رئيس الحكومة في حربه على الفساد..وينادي بأن تشمل هذه الحرب الوهمية أطراف مسنودة إما من قصر قرطاج أو قصر القصبة..والحال أن اتحاد الشغل يعلم علم اليقين أن هذه الحرب لن و لن يكون لها وجود لا عاجلا و لا أجلا..كما يدرك تمام الإدراك أن ساحة « محمد علي » تعج بالفاسدين و المفسدين..و أن أي حرب فعلية على الفساد لن يكون اتحاد الشغل في مأمن منها..فقط هي مزايدة اقتضتها المصلحة..كما هو الشأن في ما يتعلق بالتفويت في المؤسسات العمومية..هذا الملف جعل منه اتحاد الشغل مسألة حياة أو موت..ومبديا رفضا قاطعا خصخصة المؤسسات العمومية ..مع علم أن ذلك واقع لا محالة.. فلا الحكومة و اتحاد الشغل يملكان الارادة في تحدي قرارات صندوق النقد الدولي وأمثاله هي فقط مزايدة رخيصة ليحظى الاتحاد بمكان تحت شمس السلطة ..فما مطالبته بوجوب حدوث تحوير وزاري يمس كرسي رئاسة الحكومة رأسا و اقتراح الاتحاد اسما بعينه لخلافة « يوسف الشاهد يفضح ما وراء الأكمة.

حسن نوير

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus (0 )