على خلفية اعتداء على مربّي بالعنف, تعطّل الدّروس في 38 مدرسة بجرجيس

على خلفية اعتداء على مربّي بالعنف, تعطّل الدّروس في 38 مدرسة بجرجيس

* الخبر:

تعطّلت الدروس صباح يوم الأربعاء الفارط في 38 مدرسة ابتدائية بجرجيس على خلفيّة اعتداء أحد الأولياء بالعنف على مربّي بمدرسة قصر الزّاوية الابتدائيّة. ( بوّابة الإذاعة التّونسيّة )

* التعليق:

             تفاقمت ظاهرة العنف بين التّلاميذ وتفشّت بصفة ملحوظة في عديد المناطق من البلاد, وتناقلت وسائل الإعلام والتّواصل الاجتماعي عديد الحوادث التي أذهلت النّاس وجعلتهم يتساءلون عن سببها ويتألّمون لما آل إليه حال أبنائنا التّلاميذ.

والأخطر من هذا أنّها شملت المعلّمين والأساتذة  فتعدّدت حوادث اعتداء التّلاميذ عليهم كما أنّ تدخُّلَ الأولياء قد زاد الطّين بلّة.

            » قم  للمعلّم ووفّه التّبجيلا ؟  » عبارة تغنّى بها الكثير لما تحمله من معان جميلة, فأين هي ممّا صار عليه التّعليم في تونس ؟ أين هيبة المعلّم الذي كان يربّي أجيالا ويلقى منها التّقدير والاحترام سنين وسنين ؟

 من المسئول عمّا آل إليه التّعليم ؟ من المسئول عن قطع العلاقة بين المربّي والتّلميذ ؟ من يتحمّل وزر ما تعانيه منظومة التّعليم التي أطاحت بقيم وأخلاق التّلاميذ وحتّى المربّين ؟

            إنّ الأسرة – تلك القلعة الحصينة التي رعت الأبناء وأنشأتهم نشأة تقوم على احترام المعلّم وتقديره –  قد وقع ضربها من الدّاخل, وفكّك الغرب أوصالها ولحمتها فنشر عبر شعارات خدّاعة, مفاهيمه الفاسدة وجعل علاقة الأبناء بآبائهم علاقة النّدّ للنّد, بل تجاوزت ذلك ليتبادلوا الأدوار فيصير الأبناء هم من يفرضون آراءهم باسم حرّيّة التّعبير و » الجوّ الدّيمقراطي الذي يسود الأسرة « .

     وهنا ما دُمنا نروم الحديث عن العلاقة بين الأسرة والأبناء وعن الأخلاق والمفاهيم القائمة بينهم, لا بدّ لنا من أن نمرّ على اتفاقيّة سيداو اللّعينة  « تلك النقطة السوداء المظلمة » المنسوخة على جبين من انخرط فيها من وزراء البلاد منذ سنين, تنفث بسهامها السّامّة, فتشجّع الفتاة على الانفلات من ولاية والدها وهو بذلك تحدّ لسلطة الأسرة وحمايتها ورعايتها للأبناء. فهؤلاء إن هم ترعرعوا على هذه الأفكار الغربيّة الفاسدة لن يقفوا للمعلّم إذا ويوفّوه التبجيلا, بل سيوفّونه « التّنكيلا », ويساندهم في ذلك آباؤهم الذين لا يتوانون عن تعنيف المعلّم والتّنكيل به دفاعا عن أبنائهم وكأنّهم في حلبة صراع دونما علم بسبب مشكلتهم ومشكلة المنظومة التعليمية برمتها, زد على ذلك سياسة الحكومات المتعاقبة – بعد الثورة – التي تعمل على تهميش التّعليم الحكوميّ لصالح التّعليم الخاصّ في انسياق تام مع سيرورة تنفيذ الإجراءات التي تُرضي صندوق النّقد الدّوليّ .

      إن كل ما كا يرفع من شعارات وعناوين انتخابية يرددها الوزرار والمسئولون, من اصلاح منظومة التعليم صار كذبة مكشوفة للصغار قبل الكبار, فمدارسنا اليوم تشهد عديد الظواهر الاخرى التي تنسف العملية التعلّمية نسفا, منها تفشي الامراض المعدية بين التلاميذ ونقص الأماكن الصحية وانعدامها أصلا في مدارس عدّة, اضافة الى غياب التجهيزات وتدهور حالة القاعات, دون أن نذكر المسافات الكلمترية التي يقطعها التلاميذ وبعض المدارس وما تحمله لهم من مخاطر.

إنّ العنف المدرسيّ ظاهرة متكرّرة وتتفاقم كلّ يوم ليس في تونس فقط بل في عدة بلدان من العالم, ولعلّه يتجلّى بوضوح في الغرب  » المتقدّم والمتحضّر  » الذي يلهث دعاة الحداثة ومُدَّعوها عندنا إلى الاقتداء به والسير على منواله. ونذكر بعضها على سبيل الذكر لا الحصر :

 * في أمريكا: تصل نسبة العنف في المدارس إلى 60 من الطّلاب ويصل العنف إلى القتل العشوائيّ والقنص بالأسلحة الفرديّة

* في اليابان أظهرت دراسة في 2007 أنّ  ما يقارب 7000 من ضحايا العنف المدرسيّ هم المعلّمون

 * في بلجيكا الفرانكفونية: العنف الذي يتعرّض له المعلّمون هو من الأسباب الرئيسيّة لترك مهنة التّدريس.

* أمّا في فرنسا سنة 2000 أدلى وزير التّعليم أنّ 39 مدرسة حكوميّة تعاني من ظاهرة العنف بدرجة خطيرة و300 مدرسة أقلّ خطورة.

فالسّبب الأساسيّ والمشترك بين جميع الدّول التي تعاني من هذه المشاكل هو النّظام المطبّق في أنحاء العالم, ونعني النّظام الرّأسماليّ الذي اكتوى بناره الجميع وهو سبب البلاء وأسّ كلّ داء.

        إنّ الحل لمشكل العنف المتفشّي في المدارس والمعاهد لن يكون إلّا بالتوقف عن السير وفق هذا النّظام الذي بثّ سمومه ليس فقط في المنظومة التعليمية, وإنّما في أجساد المنظومات جميعها لتسري في أجسادها وتصيبها بالعلل والأمراض التي لن  تُشفى إلّا ببتر هذا النّظام والتّخلّص منه, وبتبنّي عقيدة الأمّة وما ينبثق عنها من تشريعات في ظلّ دولة رائدة تجعل من الشّخصيّة الإسلاميّة محور التّعليم, بتوجيه طاقات الشّباب نحو الابتكارات والاختراعات لصالح أمّة محمد صلى الله عليه وسلم  حتّى تسود العالم وتقوده بأفضل ما أنزل الله وما ذلك على الله بعزيز.

أ: أميمة حسين

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )