في قضية المُدرِّسة بصفاقس: أميمة طالبت بحقها فضاع حق ابيها

في قضية المُدرِّسة بصفاقس: أميمة طالبت بحقها فضاع حق ابيها

منذ أن كشر الغرب عن أنيابه وخاض غمار الحرب السافرة على الإسلام، لم يعد يخفي قبح وجهه الذي طالما أخفاه خلال الحرب التي لم تشهد هوادة منذ أسقطت دولة الخلافة، حرب فكرية يخوضها الغرب الكافر على كل المستويات باستعمال عملائه ووكلائه …

فبعد أن صرح رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بإقرار المساواة في الإرث بين الذكر والأنثى وبعد  إلغاء الحضر على زواج المسلمة من غير المسلم، تتحول الوجهة اليوم نحو التعليم بوصفه السبيل الأنجع لتحقيق النصر في هذه الحرب، فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر..وعلى هذا الأساس بدأ العمل وأعد العدة, وكان المنطلق فكرة إصلاح المنظومة التعليمية التي صدع بها الوزير السابق ناجي جلول رؤوسنا، ولم نرى إلا عبثا وارتجالا شتت أذهان التلاميذ وأربكهم، لأن الغاية كانت أبعد من مجرد الإصلاح فهم يعملون على الإصلاح من وجهة نظرهم, والهدف الأساسي هو مزيد اقحام المنظمات الترويج للعلمانية أكثر في صلب المناهج التعليمية, مثل المعهد العربي لحقوق الإنسان, لرسم عناوين تغريبية جديدة, وتشكيك الناشئة في عقيدتهم وفي كل ما ينبثق عنها من أفكار, ورغم أن الوزير السابق بذل في سبيل تحقيق ذلك جهدا كبيرا, -جعله محل انتقاد حتى من شركائه في بعض الأحيان- إلا أن صاحب الأمر والمُوَكِلُ الأول (المسئول الكبير) لا يكفيه ذلك ولا يروي عطش حقده على أبناء هذا البلد, بل يطلب المزيد من جرعات التفاني في خدمته وتبيان ما وصل إليه حال ناشئتنا من تصحر فكري ومستوى غيابهم عن الوعي بما يُخطط لهم منذ نعومة أظافرهم, ولذلك تثار جملة من القضايا في الغرض.

 لهذا السبب تم التعاطي مع حادثة مدرسة عقبة بن نافع بحي البحري 3 بصفاقس بجدية, وصُبّ جام غضب المسئول على من وقف في وجه إحدى المدمنات على ثقافته الهدامة, وبدا لنا التلاعب بالقضية ومنحاها السياسي بوضوح،  فالأمر في حقيقته وبحسب رواية أهالي الحي أن مجموعة من أولياء التلاميذ وقفوا محتجين رافضين أن يدرس أبناؤهم عند معلمة تسببت لهم في أضرار نفسية خلال السنة الفارطة، وهذا أمر عادي يحدث في كثير من المدارس، لكن الإعلام الذي تعمد تمرير الخبر على أن مجموعة من الملتحين إعتدو بالعنف على مربية ومنعوها من الدخول إلى المدرسة, واتهموها بالإلحاد، غيَّر وجهة القضية فأصبحت قضية إرهاب. ورغم أن بعضهم لم يكن حاضرا في الوقفة وقع إيقافه وأودع السجن, ووجهت القضية إلى المحاكم, واتهم ثلاث رجال وإمرأتان, كل ذنبهم أنهم يريدون أن يوفروا لأبنائهم ظروفا مناسبة للدراسة.. ومما يزيد الأمر غرابة  التواطؤ المفضوح من عديد المتدخلين في الموضوع، فلا أحد يحرك ساكنا, لا منظمات حقوقية ولا جمعيات ولا أحزاب ولا حكومة ولا وزارة، عجبا.. ألهذه الدرجة بلغ نفوذ المعلمة أمام حي يُظلم أهله برمته ؟؟ هذا ما يزيد يقيننا في أن الموضوع يتجاوز كل من انحاز إلى المعلمة ووقف في مواجهة الأهالي، فيد « المسئول الكبير » تطال كل مؤسسات البلاد, وامكانها تحريك الأحداث وتتحكم فيها, بكيفيات لا نطي لها بالا.

 لقد عمدت المعلمة مع الإعلام ومنظمة حقوق الإنسان والإتحاد العام التونسي للشغل ورفاقها من حزب العمال, بصب الزيت على النار لتأجيج القضية بدعوى أن الحداثة في خطر، ووقفوا سدا منيعا في وجه « الإرهاب والتكفير » المزعوم ليذودوا عن مشروعهم المشترك. وهذا أمر طبيعي.

إن الإمعان في تزييف الحقيقة يوجب على المتتبع البحث بين السطور، وفي هذه القضية التي نرى فيها إلتفاف أصحاب التقارب الإيديولوجي حول الحدث وتحميل الأمر أكثر مما يحتمل يجعلنا نذهب بأذهاننا إلى أن المشكل عقائدي بإمتياز، وأن هذه الأطراف التي تتبنى فكرة الفوضى الخلاقة بصدد ممارسة ضغط ممنهج على القضاء والنفخ في الأحداث لتحقيق أهداف تخدم مشروعها « الحداثي ».

وينضاف إلى كل ما سبق الرغبة الملحة لدى عدد من التربويين في سن قانون يجرم الإعتداء على المعلم، القانون الذي يعطي حماية كبيرة للمعلم بشكل يوفر « للمؤدلجين » منهم مجالا لبث أفكارهم وما يعتقدون التي في غالبها تحوم حول إبعاد كل ما يمت للفكر الإسلامي بصلة, بين أبنائنا, كما يمكنهم من تغيير المناهج وإدخال ما يتنافى مع عقيدتنا, ليمنعنا في المقابل من الرفض أو حتى الإحتجاج..

هذه بعض الأسباب التي من أجلها هولوا الأمر وأوقف الرجال وعوقب المسئول الوحيد الذي دعم التلاميذ وأولياءهم, وأصبحت القضية قضية رأي عام.

ورغم كل هذا التلاعب بالحقيقة إلا أننا نجد بارقة أمل تؤكد أن الأمة لن تقبل العود لمربع الدكتاتورية ولن تترك ثورتها مهما لُبِّس عليها, فوقفة الأولياء اليوم في وجه هذه الهجمة القوية وتمسكهم بحقهم وحق أبنائهم لهو دليل على أن الناس تجاوزوا الخوف الذي كان يكبلهم، كما أن حديث الأبناء عن ممارسات معلمتهم ومحاولاتها تشكيكهم في ثوابت عقيدتهم يحيلنا على أن الإسلام ما يزال حيا في أبنائنا ولن تستطيع قوة إضعافه مهما حاولت، وأن كل مسلم مستعد للدفاع عن دينه مهما كان سلاحه ضعيفا ..

 وختاما نقول إننا اليوم نعيش مرحلة التمحيص، من أجل ذلك نرى تصادم الحق بالباطل لتتمايز الصفوف وينتصر الحق إنتصارا مؤزرا, ويزهق الباطل، وما ذلك على الله بعزيز.

سهام عروس

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )