لا تثبت لهم حجة: تهافت العلمانيين عندنا، وسقوط مدوّ لعلمانيتهم
لا تثبت لهم حجة: تهافت العلمانيين عندنا، وسقوط مدوّ لعلمانيتهم
في محلي, مميز
December 15, 2020
142 زيارة
تسقط العلمانية ومن ورائها النظام الديمقراطي في كل مواجهة فكرية فيها مع المفاهيم الحقة عن الحياة. لا غرو في ذلك وهي القائمة على إهمال الحقيقة الوجودية الأولى وهي أن لهذا الوجود الذي يعيه العقل البشري خالقا أوجده وفطره على فطرة لا يخرج عنها بحيث تقتضي هذه الفطرة احتياجها الحتمي إلى رحمة الله الخالق المبدع الحكيم بأن يبين لهذا الإنسان المكلف كيفية إشباع هذه الفطرة، فرديا أو جماعيا، يقول سبحانه وتعالى: “وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لقَوْمٍ يُؤْمِنُون (64) ـ النحل ـ . فالناظر المنصف للغط والهرج الذي أثاره العلمانيون حول ما أورده أحد البرلمانيين حين صوب بعض المفاهيم المجتمعية المتعلقة ب العلاقة بين الرجل والمرأة خصوصا والتي تريد العلمانية العالمية فرضها على الإنسان فكانت اتفاقية سيداو أو اتفاقية ” استنبول” التي يرعاها الاتحاد الأوروبي، حين لم يجدوا فيما قاله النائب، ما يمكن أن يرفضه أي مسلم أو أي إنسان سوي، ولم تشفع لديهم الأسس التي يدعون أن فكرهم العلماني يرتكز عليها من مثل أن من يرى رأيا أو يقول قولا، فله مطلق الحرية في إبدائه ما لم يدعمه بعمل مادي لفرض ذلك الرأي، فسريعا ما تنادوا إلى تفعيل سلطانهم الذي اغتصبه لهم عدو الأمة والإنسانية، فلم يسعفهم قاموسهم بالرد على ما يطرح من أفكار تدحض “مزاعمه” وتبرز زيفها و”خطل ” قائلها، وهم المتعودون على التشدق بكل ما هو شاذ وفاسد في ظل تكميمهم للأفواه، يسندهم في ذلك إعلامهم الذي احتكروا فيه كل المنابر فلا يُسمع إلا فحيحُهم.
وأنى للعلمانيين ولكارهي أحكام الله ومحاربيها، وأنى لعبيد الغرب أن يروا في أحكام الله عدلا ورحمة فالعلاقة خارج إطار الزوجية، هي ارتباط حتمي بوجهة النظر عن الحياة، ولهذا ترهبهم لفظة الزنا حين الحديث عن العلاقة بين المرأة والرجل خارج إطار العقد الشرعي الذي سماه رب العزة بالميثاق الغليظ فقال جل وعلا: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (21) فبدون ذلك الميثاق الرباني الذي أحل ما أحل، رحمة منه وفضلا، فلا معنى للحياة الاجتماعية: فلا أبوة، ولا عمومة، ولا خؤولة… وسائر القرابات وما يترتب عنها من احكام، حقوق وواجبات، كلها منبثقة عن عقد الشرف هذا الذي أنعم الله به عل خلقه وطهرهم به من كل نقيصة، فكان إصرارهم على تغيير التعابير والمفاهيم عن الحقائق، عساه يخفي مستنقعهم الآسن ويواري فظاعاته.
والله سبحانه وتعالى بقوله في محكم التنزيل: سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) قد سمى تلك العلاقة غير السوية بين الرجل والمرأة بالوصف الحقيقي، فقد سمى الرجل الذي يأتيذ1لك الفعل الحرام زانيا، والمرأة التي تأتيه زانية أيضا. فهل تغييرهم للمصطلحات يغير الحقائق، إلا أن تكون الغاية من ذلك محاربة شرع الله وأحكامه؟ وإننا هنا نحذر ونحذر العلمانيين والمنبهرين بالثقافة الغربية، عندنا، ونسألهم أن تفتح أعينهم، فالغرب تجاوز مسألة محاربة الأحكام الشرعية ومحاولة تعطيلها إلى استهداف أصل الإسلام، عقيدته، وقد تجاوز الأمر عندهم تطرف الأحزاب الشعبوية، اليمينية المتطرفة، إلى الحكومات الرسمية، ولعل الإشارة إلى موقف النائبة الأمريكية “ميشيل باكمان” حين دعت إلى” ضرورة شن حرب شاملة على الإسلام مؤكدة أنه أساس الإرهاب. وأن الرئيس الأمريكي أختار أن يرقص حول أساس المشكلة “في إشارة للإسلام” وأن عليه محاربته وهزيمته لأنه الشر الأكبر’. تغني عن مزيد التدليل لديهم إن كانت لا تزال على أعينهم بعض الغشاوات.
إلا أن الغرابة في من أثارته مواقف العلمانيين في بلدنا وحربهم على أحكام الله، من زملائه في البرلمان وأشياعهم في أحزابهم السياسية ومن المضبوعين بالثقافة الغربية، حول هذا الموضوع، واعتبر مواقفهم ومفاهيمهم ” إن هي إلا أسماء سموها…”، وقوله هنا حق نسال الله أن يتقبله منه ويجزيه عنه خيرا. إلا أننا نعجب لأمره ونسأله، ناصحين، ماذا يسمي مصادقة مجلس نواب الشعب ، مثلا، على اتفاق قرض بقيمة 161 مليون يورو من البنك الدولي للإنشاء والتعمير ؟ أليس نموذجنا كما قلت، محمد صلى الله عليه وسلم، وقد روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم ” لعن آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه”؟ السيد النائب أليس مجلس نواب الشعب ، هذه الحالة هو من مؤكلي الناس الربا؟ ولعل في هذا غناء للتدليل على أن من اعترض وخالف حكم الله في العلاقة بين الرجل والمرأة، هو كمن خالف حكم الله في الأموال سواء بسواء؟ والله العزيز الحكيم يحذرنا في قوله جل وعلا: “أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) عاقبة مخالفة أمره.
أليس التخلي عن هذا الحكم وكل حكم لله سبحانه هو من سبل تدعيم الحرب على الإسلام التي يشنها الغرب الكافر على الإسلام عقيدة ونظاما، ونصرة لهم وتثبيتا لحكم الكفر فينا؟
والحقيقة أن ردة الفعل الحاقدة التي أبداها العلمانيون ومن شايعهم من المضللين من أبناء أمتنا والمغرر بهم، والصخب الذي أثاروه تكشف عن تهافت المفاهيم التي طالما تغنوا بمحاسنها وأنها أمل البشرية جمعاء، وعن عدم قدرتها على الصمود أمام أفكار الإسلام ومفاهيمه عن الحياة. فقد أربكتهم عودة، الأمة، المباركة إلى أحكام الإسلام والإقبال عليها لفهمها وتبنيه بعد أن بدأت تتبدد من أمام العيون تلك الغشاوة التي طالما حجبت الرؤيا الصائبة عن الأبصار. وقد تجلى ذلك في التأييد القوي لكل موقف نصير لأحكام الله سبحانه وفي إعراضها عن كل من عادى أحكام ربها. فلا عجب في جرأة أولائك وإنكارهم للحقائق البديهية، فهم لا يصدرون عن قناعات ذاتية بل يخضعون لإملاءات أسيادهم الذين يسندونهم بالدعم السياسي والمالي فلا يقدرون على إحقاق الحق، فهم لا يرونه أصلا ولا يدركونه حتى صاروا رأس حربة الكافر المستعمر في حربه على الإسلام وخط الصد الأول في سعيه للحيلولة دون استئناف المسلمين للحياة الإسلامية وإقامة دولة الإسلام التي تعيد للمفاهيم عن الإسلام معناها الحقيقي، ولنظم الحياة سيادتها فيها رحمة بالإنسان الذي أرهقته أحكام الكفر. ” يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّاٰمِينَ بِٱلۡقِسۡطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ وَلَوۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ أَوِ ٱلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَۚ إِن يَكُنۡ غَنِيًّا أَوۡ فَقِيرٗا فَٱللَّهُ أَوۡلَىٰ بِهِمَاۖ فَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلۡهَوَىٰٓ أَن تَعۡدِلُواْۚ وَإِن تَلۡوُۥٓاْ أَوۡ تُعۡرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا (135) ـ النساءـ
أ, عبد الرؤوف العامري
December 15, 2020