« الكريديف » ومحاولات حَقن سموم العلمانية الغربية بين نساء تونس

« الكريديف » ومحاولات حَقن سموم العلمانية الغربية بين نساء تونس

نظم مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة (الكريديف) بدعم من منظمة فريدريتش ايبرت, يوم 07/03/2018, ندوة حول « المساواة في الميراث بين القراءة المتجددة للنص الديني والتحولات الاجتماعية » حاضر فيها تسعة من المحاضرين المختصين في الحقوق والحضارة الإسلامية وتفسير علوم القران وعلم الاجتماع, وكانت كل الأسماء مختارة بانتقاء ومعروفة بمواقفها تجاه الأطروحات الإسلامية.

افتتحت « ألفة يوسف » الندوة واهم ما قالت: » إن هذه المسألة التي يتم تقديمها على أنها مسألة دينية ليست كذلك. إذ أنها اجتماعية مغلفة بغلاف الدين. كما أنها تخفي أنانية ومصالح ذكورية»

واعتبرت كذلك أن المساواة لا تعني بالضرورة الخروج عن النص الديني الذي لا يتضمن منعا للتفكير في مسألة المساواة في الميراث. وأشارت إلى وجود 3 اعتراضات فقهية على المساواة : عدم وضوح النص الديني في مسألة ميراث المرأة متحججة بأن هناك نصوصا أكثر وضوحا ومع ذلك تم الاجتهاد فيها من قبل الفقهاء أو كما قالت القدماء (استعملت كلمة القدماء بدل الفقهاء لإعطاء الطابع التراثي للفقه الاسلامي ـ و للإشارة فإن جل المحاضرين كانوا يستعملون كلمة القدماء بدل الفقهاء) واستخلصت أن النص القرآني غير واضح وهو قابل للتأويل ضاربة قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن } و أوّلتها كما تشاء هي مع أنها آية قطعية الدلالة قطعية الثبوت

والثاني يتمثل في وجود حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، واعتبرتها حالات نادرة ، كما أنها لا تقوم على مبدإ المساواة، وبهذا تكون كمن يريد أن يغطي عين الشمس بالغربال.. إذ أنه أكثر من ثلاثين حالة في فقه المواريث ترث فيها المرأة مثل الرجل أو ترث أكثر منه أو ترث هي فقط ولا يرث هو شيئاً، كل ذلك في مقابل أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف ميراث الرجل.

والاعتراض الثالث يتمثل في اعتبار القرآن صالحا لكل مكان وزمان. وقالت أن هذه الحقيقة لا تتنافى مع الاجتهاد. وتطرقت إلى ازدواجية الخطاب وإلا فكيف يقبل الفقهاء إلغاء الرق ويرفضون الاجتهاد في مسائل أخرى منها المساواة في الميراث.. وقالت أن الفقهاء اجتهدوا بما لم يسمحوا لنا به.

ثم ختمت قائلة: « نحن هنا لنثقف ونعلًم بل ونفرض مفاهيم المساواة ».

 المحاضرة الثانية كانت لنايلة السليني أستاذة الحضارة الإسلامية في الجامعة التونسية وناشطة في « الجمعية التونسيّة للنساء ديمقراطيات », قامت بتأويل الآيات من القرآن الكريم حول الميراث لتصوغها وفقا لمآربها مستعملة في ذلك أسلوب الإستهزاء والإستحفاف بالنصوص الشرعية ومحاولة الحط من قيمة العلماء والمجتهدين, وقد قالت : »|إن الفقه بأكمله هو مثابة الجسم وان ننزع في كل مرة جزء منه لعلة به ، أليس من الأفضل أن ندفن هذا الجسم ونقرأ عليه الفاتحة؟

في هجمة سافرة على الفقه الإسلامي الذي هو الأساس في فهم المسلم لأحكام الإسلام, إذن هدفهم اليوم حسب رأيها فرض سياسة حقن الناس مهما كان بهذه المفاهيم ».

هذه بعض الأفكار التي طرحت وأخرى لم تخرج عن هذا السياق في بقية المحاضرات في الحصة الثانية من الندوة, وكانت لي مداخلة تتمثل في ما يلي :

المهندسة وهيبة عطية عضو لجنة الإتصالات التابعة للقسم النسائي في حزب التحرير, إن الله خلق الرجل والمرأة وساوى بينهما من حيث التكاليف الشرعية, وفكرة المساواة لم تكن محل بحث لدى المسلمين لا لأنهم لا يفكرون أو جامدون مع القديم كما ذكر, بل لأن التشربع الإسلامي أعطى للمرأة كل حقوقها, وأن هذه الفكرة جاء بها الغرب الذي كانت فيه المرأة مضطهدة عندهم, ففي الوقت الذي كانت فيه المرأة تورّث عند المسلمين كان الغرب يتناقشون هل المرأة إنسان أم لا ؟

كما تدخلت الطالبة والناشطة في حزب التحرير, هاجر بلحاج ، حول ما قالته إحدى المحاضرات رشيدة الجلاصي وهي مختصة في القانون: « إن المساواة في الميراث لا تعنى رفع النفقة عن كاهل الرجل لأن حق المرأة في النفقة هو مبنى على الحاجة « 

 وكان رد الأخت هاجر ( قولكم هذا يدفعنا إلى السؤال المركزي كيف نشبع حاجات الناس وعلى أي أساس؟

الإسلام جاء ليحقق العدل للإنسان سواء كان امرأة أو رجلا, وبالتالي, و لأن الله خلق الإنسان فهو يعرف كيفية إشباع حاجاته وما قالته الأستاذة يبين التناقض في التفكير لأنها تعترف أن تحقيق العدل يقوم على الحاجة لا على المساواة. وإن مناقشة الاجتهاد في حكم شرعي كالميراث يتنزّل في إطار مضاددة كل المنظومة التشريعية الإسلامية, ومحاكمة الإسلام على أساس مفاهيم جاءت من المواثيق الدولية. وإن تقييم الحضارة الإسلامية بمعايير حضارة أخرى يُعَدُّ تعسف.

لقد حكم الإسلام 14 قرنا من الزمن، ومثّلَ ولا يزال منظومة تشريعية غنية وفرت العدل والكرامة للمرأة مما جعلها قادرة على أن تكون مشاركة في الحياة العامة كقائدة وسياسية.

 وإن هذه الندوة اليوم انعقدت برعاية المؤسسة الألمانية « فريدريتش ايبرت » التي تعنى بتثقيف العالم بالمفاهيم الغربية, وهو أمر يجب أن يدفع للتساؤل لماذا هكذا قوانين توجه للعالم الإسلامي ولا توجه لأمريكا التي تحفظت على اتفاقية سيداو واعتبرتها تدخلا؟، وإن البلاد بعد الثورة أصبحت مفتوحة للجمعيات المشبوهة لضرب المفاهيم الإسلامية وسقينا السم الغربي وهي حملة ممنهجة يقومون بها في تونس بعد الثورة لتخاذل القيادة السياسية في بلادنا، ثم إن الكثير من المفكرين والفلاسفة الغربيين أصبحوا يتساءلون حول نجاعة معالجاتهم العلمانية القائمة على المساواة وأصبحوا يبحثون عن بديل, فى حين أننا بمفاهيمنا الإسلامية قادرون على الإجابة وتحقيق العدالة ).

وقد أثار تدخل الأخت هاجر حفيظة المنظمين فتمت مقاطعة المداخلة متحججين بانتهاء الوقت, لكن رغم ذلك ـأكملت الأخت حديثها قائلة ( بأننا شباب هذه البلاد ومستقبلها وعلى المحاضرين والمنظمين أن يستمعوا لنا, وضجت القاعة بالنقاش وتغيّر السير العام للندوة فأصبح الحاضرات يتدخلن للرد على كلامنا لأنهن جئن ليحتفلن, وجاء من يعكر صفو الإحتفال كما قالت إحداهن، ثم ردت المحاضرات على ما أرادت الرد عليه في مداخلة الأختين من حزب التحرير في مغالطة تاريخية و تزييف للحقيقة الساطعة في قول إحداهن (ما الضير في تبني المواثيق الدولية فهي مفاهيم كونية إنسانية وليست ملكا للحضارة الغربية! ثم إن أمريكا التي تحفظت على إتفاقية سيداو لم تعمل عملا جيدا لهذا لا يجب علينا أن نتبعها فيما تفعل ) عجبا لهم لا يتبعون أمريكا في تبنيها لهذه المعاهدة المسمومة وهي الراعية الأولى لها والمحاربة فعلا للإسلام والمسلمين, وهم يتبعونها في حربها هذه وخير دليل ما يجري اليوم في بلاد الشام وخاصة الغوطة، أين القيم الإنسانية الكونية للغرب الذي لو دخل جحر ضب لأتبعوه؟
وفي اتصال لي مع المديرة العامة للكرديف دلندا لرقش، منتقدة إياها للمحاضرين الذين يحملون نفس الإيديولوجية قالت في ثقة : أن لديها هدف ( ألا وهو المساواة) وتريد تحقيقه لذا فإنها لا تقبل إلا من يخدم هدفها ويعززه. »

ختاما: لقد اثبت دعاة العلمانية أنهم مستعدون للانقلاب على مبادئهم وإجبار الناس بصريح العبارة على تبني مفاهيم الغرب الفاسدة, في تحد صارخ لعقيدة الأمة وتعدّ على حرماتها وإختيارها لمعالجات الإسلام, إن الغرب اليوم يشن حملة على المرأة المسلمة ليس في تونس فقط بل كل العالم الإسلامي وهو يستغل هؤلاء المطايا ليركبهم وينفث سمومه بينهم، لكنها معركة وعرة أمامهم, فنساء المسلمين لهنّ من الوعي ما يحفظهن من مكر أدوات الغرب في كل رقعة من بلاد المسلمين, وروح المقاومة والوعي قد دبت في الأمة التي فيها الكثير الكثير من المخلصين والصادقين الذين سيقودونها إلى النهضة على أساس الإسلام النقي بإذن الله في دولة خلافة على منهاج النبوّة تُعِزّ المسلمين رجالا ونساء.

المهندسة وهيبة عطية

عضو لجنة الاتصالات المركزية في القسم النسائي لحزب التحرير تونس

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )