المبادرة « العربية للسلام » عين الخيانة ومنتهاها

المبادرة « العربية للسلام » عين الخيانة ومنتهاها

ارتمى حكام دويلة الإمارات المتحدة في أحضان « كيان يهود » وتبعهم لاحقا القائمين على مزرعة ثانية تسمى مملكة البحرين والآن جاري وضع المهرولين حول التطبيع مع هذا الكيان السرطاني في طوابير منتظرين  دورهم في تنفيذ أوامر « ترامب » وحاشيته. هذه الطوابير يقابلها طابور تشكله باقي المزارع العربية كالجزائر وقطر وتونس والمغرب وكل من يرفض التسوية مع « كيان يهود » على النحو الذي فرضه « ترامب » بمعونة مستشاره وصهره « جاريد كوشنر » ولا يعني رفضهم للتمشي الذي فرضه الرئيس الأمريكي أنهم ضد فكرة التطبيع مع « كيان يهود » بل العكس هم معه قلبا وقالبا ويروجون له تحت عناوين خادعة مثل « السلام الشامل والعادل » و »سلام يكفل حق الشعب الفلسطيني » وما إلى ذلك من الترهات التي لا يصب سيلها إلا في مصلحة « كيان يهود » وقوى الشر الداعمة له.

وحتى لا يبدو الأمر وكأنه من تدبير تلك القوى وأنه نابع من إرادة أصحاب الشأن عقدوا قمة في بيروت قدم فيها أحد أبناء « الملك عبد العزيز » الذي كان معاولا من المعاول التي استعملها المستعمر الكافر في هدم الخلافة الإسلامية  « الملك عبد الله » مبادرة أطلقوا عليها اسم « المبادرة العربية للسلام ». لم يشذ « الملك عبد الله » عن باقية خدم وأذيال الاستعمار الذين لا دور لهم غير التسويق لمخططاته عبر فرية الشرعية الدولية وإرادة المجتمع الدولي. المبادرة العربية هذه تتطابق مع ما اقترحه « بورقيبة » منذ نصف قرن خلال خطابه الشهير في أريحا. ففي سنة 1947أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا قسمت بموجبه فلسطين إلى ثلاث مناطق واحدة لدولة فلسطينية والثانية ل »كيان يهود » والثالثة تكون تحت الوصاية الدولية وجاء هذا القرار تجسيدا لتقرير لجنة اللورد « بيل » البريطانية والذي تضمن أول مقترح لتقسيم فلسطين وبعدها صدر تقرير لجنة « وود هيد » وهي بريطانية أيضا حاملا مشروعا مماثلا أي تقسيم فلسطين, وكان ذلك سنة 1938 وفي مسرحية سمجة قوبل القرار برفض عربي وتسارعت الاستعدادات لتشكيل جيش الانقاذ وخيم خيار الحرب والرفض المطلق لقرار تقسيم فلسطين واستمر الوضع إلى ما هو عليه إلى أن زار أحد أبرز أذيال الاستعمار فلسطين وهو الرئيس « بورقيبة » وألقى خطابا بأريحا سنة 1965غرد فيه خارج سرب بقية العملاء وهو الدور الموكول إليه تماما كما أوكل لغيره لعب دور الرفض والدعوة لمحاربة « كيان يهود » الغاصب.

قلنا غرد « بورقيبة » خارج سرب أشباهه وطالب الرافضين لتقسيم فلسطين باتباع سياسته التي بدوره استلهمها من أسوته المجرم الأكبر  » أتاتورك » وهي سياسة المراحل ودعاهم صراحة قبول قرار التقسيم وهذا ما تم رفضه رفضا قاطعا تمهيدا لخوذ حرب كاذبة أدت إلى ما بات يعرف بالنكسة  والنكبة، وبما أن المستعمر يخطط على مدى بعيد كان ما دعا إليه « بورقيبة » بأمر من مسؤوله الكبير تمهيدا لما نراه اليوم, فهم أظهروا أن فكرة محاربة « كيان يهود » لا جدوى منها بعد خوض عدة حروب فاشلة أو لنقل اريد لها أن تكون فاشلة قبل اندلاعها وأن لا حل لقضية فلسطين إلا بإقامة دولتين وهذا ما دعا أليه « بورقيبة » والآن الكل يتحسر على عدم الأخذ بنصيحته وهذا ما يفسر تهافت الرويبضات على عقد اتفاقيات مع « كيان يهود » أقل ما يقال فيها أنها كلها تقطر خيانة لمسرى رسول الله ومن أبرزها ما يسمى ب »المبادرة العربية للسلام » وقد جعلوها الأمل الوحيد لأهل فلسطين، وحتى تترسخ هذه الفكرة وتصبح مطلبا ملحا للمسلمين عامة  تنزلت شياطين الغرب بعض البيادق ك « محمد بن زايد » و »حمد بن عيسى » وساقوهم إلى الإسطبل ليوقعوا اتفاقات مع « كيان يهود » يسهل انتقادها وشجبها من باقي القطيع لأنها خاوية مما يعتبرونه حق الفلسطينيين وحق اللاجئين في العودة وإقامة دولة فلسطينية ونحو ذلك مما يرونه حقوقا وهي في الواقع بيع لأرض الإسراء والمعراج. وهذا ما نراه اليوم, فإثر توقيع اتفاق تطبيع الإمارات والبحرين مع اليهود خرج أنصار المبادرة العربية للسلام بعد أن جاءتهم الأوامر منددين بما قامت به الإمارات والبحرين وأكدوا بكل حزم بأنهم لا مجال للتطبيع مع العدو إلا من بوابة تلك المبادرة  والتي تنص على انسحاب اليهود من الأراضي الفلسطينية إلى حدود 1967 والقبول بقيام دولة فلسطينية على تلك الأراضي, وأيضا اعتبار النزاع العربي اليهودي منتهيا وأخيرا, وهذا الأهم بالنسبة إليهم, هو إقامة علاقة طبيعية مع كيان يهود ويعيش الجميع في سلام ووئام.

فبيت القصيد هو الاعتراف بكيان اغتصب أرضا لا يملك أدنى حق في ذرة واحدة من ترابها فما بالك بأكثر من ثلاث أرباعها وقتل وشرد الآلاف من المسلمين وأفسد الحرث والنسل وارتكب من الجرائم ما أعجزت العد والوصف. ثم إن مسألة الأرض مقابل السلام التي أعلنتها المبادر وتمسك بها أذيال الاستعمار من حكام المسلمين لا وجود لها إلا في أذهان الخونة والعملاء فالصراع مع « كيان يهود » هو صراع وجود وليس صراع حدود. فالسلام لا يتحقق إلا بزوال هذا الكيان الخبيث زوالا تاما, وأمن اليهود الذي يسهر حكامنا على توفيره قبل أمن شعوبهم وقوتهم إلا بعيشهم  إن أرادوا في الأرض المباركة في ظل دولة نظامها الإسلام مثل ما عاش أسلافهم في عهد رسول الله ثم في ظل الخلافة. وحق الفلسطينيين لن تعيده لا مبادرات ولا مفاوضات ولن تسترده لا الشرعية الدولية ولا التباكي على أعتاب ذراع الاستعمار الأمم المتحدة وباقي منظماتها, ما يعيده هو ذات الصرح الذي سيوفر الأمن لليهود والعالم بأسره، خلافة على منهاج النبوة. أما عدا ذلك كإطلاق المبادرات والدعوات للتفاوض والاحتماء بالقوانين الدولية فهو مراوحة بين الغدر والخيانة كما هو حال المبادرة العربية للسلام.

حسن نوير

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )