بريطانيا فاقت أمريكا براعةً في السيطرة على إفريقيا

بريطانيا فاقت أمريكا براعةً في السيطرة على إفريقيا

الخبر:

ساد التدافع الجديد الاستعماري للقارة الأفريقية بين أمريكا التي تدعو إلى احتضان الديمقراطية والتعددية، وبين بريطانيا أعظم سيد استعماري حيث تنادي وتدعو إلى الإبقاء على الوضع الراهن مع تغييرات تجميلية لخداع الجماهير الذين يطالبون بالتغيير الحقيقي.

التعليق:

الدول الأفريقية هي دول مستقلة صوريا، تستمد سياساتها المحلية والخارجية من أسيادها الاستعماريين. ومثل هؤلاء الحكام المباشرين للبلاد هم مجرد أدوات سياسية، يمثلون أسيادهم الاستعماريين بشكل غير مباشر. حيث إن جميع الأسياد الاستعماريين الغربيين بما فيهم بريطانيا، قرروا حكم أفريقيا بشكل غير مباشر عن طريق عملائهم الخاضعين لهم وذلك لسببين رئيسيين:

أولاً: لتقليل الضغط على نفقاتهم الخارجية المتضخمة بعد نتائج الحرب العالمية الثانية التي كلفتهم الكثير.

ثانياً: تغطية أنفسهم من العلاقة القاسية والصعبة المتولدة نتيجة المشاعر التي تدعو إلى الاستقلال عن الاستعمار الغربي.

ومع قيام بريطانيا بتعديل سياستها في القارة الأفريقية، استغلت أمريكا من جهة أخرى الأحداث العالمية بعد الحرب العالمية الثانية، وبدأت بإطلاق سياستها في أفريقيا لتحدي نفوذ بريطانيا المهيمن على القارة. حيث دعت أمريكا إلى الديمقراطية والتعددية في البلدان التي كانت تحت قبضة بريطانيا والقوى الأوروبية بشكل عام.

وأدى ذلك إلى مواجهات وهجمات سياسية معارضة مع استمرار بريطانيا في الحفاظ على مكانتها العالمية من خلال السيطرة بقوة على مستعمراتها ومع أمريكا التي تستخدم وسائل سياسية واقتصادية في محاولة لثني عملاء بريطانيا في القارة سواء أكانوا سياسيين أم من صفوف الجيش. كما وتشير آخر التطورات في عام 2017 بما يتجاوز الشكوك المعقولة بأن بريطانيا لم تفقد دهاءها السياسي في أفريقيا وأغرقت أمريكا في البلدان الأفريقية التالية:

أولاً، كينيا:

وهي مستعمرة بريطانية قوية يقودها حالياً أوهورو مويجاي كينياتا ابن أول دمية بريطانية وهو جومو كينياتا. ومع وصول دعوات التغيير في كينيا إلى ذروتها وإمكانية حدوث أعمال عنف بعد الانتخابات خصوصاً بعد انتخابات 8 آب/أغسطس، كان من الممكن أن تخرج كينيا عن مسار السياسة البريطانية. وعلاوةً على ذلك، فإن نتيجة العنف كان من شأنه أن يعطي رايلا أودينغا الدمية الأمريكية اليد العليا ضد الدمية البريطانية أوهورو كينياتا على طاولة المفاوضات. لذلك، وضعت بريطانيا مؤامرة كانت تهدف فيها إلى تصوير كينيا كمثال في أفريقيا وفي العالم على حد سواء يبين نضجها في الديمقراطية واحترام المؤسسات. وكانت هذه المؤامرة هي إلغاء الانتخابات الرئاسية في الثامن من آب/أغسطس 2017. وفي الوقت نفسه يفوز دميتها على أساس أنه يحترم استقلالية القضاء على الرغم من أنها أعطته مساحة للتعبير عن رفضه الشخصي للحكم ولكن كرئيس يؤيد استقلال القضاء. وقد تم كل هذا لصالح أوهورو كينياتا. كما وتم الثناء على كينيا كمنارة لإفريقيا، كما وتمت الإشادة بموقف كينياتا على أنه نموذج يحتذى به للرؤساء الأفارقة حيث أعاد الانتخابات رغم فوزه، ولم يتسبب في حدوث فوضى باستخدام جهاز الدولة الذي تحت تصرفه. بينما من ناحية أخرى فقد هزمت أمريكا، حيث هزم دميتها رايلا أودينغا، الذي كان قد أنفق كل أمواله وبالتالي لا يمكنه خوض حملة عدوانية أخرى مقارنة بمنافسه الرئيسي. وأدى ذلك بأن قام رايلا بدلاً من خوض الحملات الانتخابية من أجل الانتخابات المُعادة، إلى الدعوة إلى إجراء تغييرات في اللجنة المستقلة للانتخابات. وأخيراً انسحب من الانتخابات الرئاسية المعادة في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2017، والتي بدأت قدماً، ثم فاز أوهورو كينياتا في وقت لاحق في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2017. ولذلك، فإن ما تبقى لرايلا أودينجا هو مجرد نوبات الغضب وإعادة تنظيم نفسه لانتخابات عام 2022، والتي هي بعد 5 سنوات.

ثانياً، زيمبابوي:

وهي أيضاً مستعمرة بريطانية قوية يقودها إيمرسون منانغاغوا وهو رفيق للرئيس طويل الخدمة روبرت موغابي وهما الاثنان مواليان لبريطانيا. وفي الوقت الذي كانت فيه نداءات التغيير قد وصلت ذروتها في زيمبابوي بسبب تدهور الوضع الاقتصادي حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 40٪، انخفض الإنتاج الزراعي بنسبة 51٪، وانخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 47٪. قامت بريطانيا بخلق صدع متعمد في حزب « الاتحاد الوطني الإفريقي لزيمبابوي-الجبهة الوطنية » الحاكم. كان المقصود من الصدع هو تحويل المشاعر التي تنادي لتغيير جذري حقيقي، وبدلاً من ذلك استخدامها للدخول لتغييرات تجميلية. كانت المؤامرة هي استخدام غريس موغابي كامرأة جائعة للسلطة حيث تريد أن تصعد إلى السلطة فوق زوجها كبير السن والضعيف روبرت موغابي.

ثم تم استخدام الجيش الذي هو تحت سيادة بريطانيا لتنفيذ انقلاب سريع وغير دموي. حيث تم إعطاء إيمرسون منانغاغوا السلطة من أجل غرض وحيد وهو الإبقاء على الوضع الراهن وبذلك يكون الرئيس الثالث لزيمبابوي. وفي حين كانت الجماهير، تحتفل وترحب بالتغيير وتفرح بكلمات الخطاب الافتتاحي المتآمر لايمرسون منانغاغوا في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 في ملعب مكتظ في العاصمة هراري، عادت أمريكا عبر عميلها مورغان تسفانجيراي تجر أذيال الهزيمة بعد أن تغلبت عليها بريطانيا مرة أخرى.

علي ناصورو علي – كينيا

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )