من »بورقيبة » إلى « السبسي » محاربة الإسلام بالوكالة

من »بورقيبة » إلى « السبسي » محاربة الإسلام بالوكالة

في اللحظة التي تأكد فيها عتاة قريش أن ما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم يمثل تحديدا مباشرا لهم ولأفكارهم ومفاهيمهم, وأن الإسلام ليس مجرد كلام يردده محمد عليه الصلاة و السلام، و إنما هو نظام يشمل جميع جوانب الحياة, أعلنوا الحرب على الإسلام, ولم يتركوا سبيلا يحول دون انتشاره إلا سلكوه..وكلما اتسعت دائرة الدعوة كلما اشتد الصراع بين نظام الكفر الذي ترعاه قريش وبين أفكار الإسلام الذي أظهره الله رغم كل ما كاده له أعداؤه, إلى أن أظهره الله على الدين كله ومكّنه في الأرض. ولكن الصراع بين الحضارة الإسلامية وما سواها من الحضارات استمر بل احتد و اشتد  بموجب حتمية الصراع بين الحضارات منذ أن أرسل الله الرسل و الأنبياء, وبعد الضعف الذي طرأ على الأمة الإسلامية تمكن أعداء الإسلام من تغييبه عن الحياة بعد إسقاط دولته التي تسيّدت العالم طيلة 1400 قرن..وما كان لهم أن يصلوا إلى مأربهم لو لم يجدوا الدّعم والعون ممن انتسبوا إلى هذه الأمة على الورق فقط, ويأتي في مقدمة هؤلاء العميل الأكبر  » اتاتورك » الذي كان المعول الذي هدم به الغرب صرح الخلافة العظيم, وبما أنهم يدركون تمام الإدراك أن حضارة الإسلام لا يمكن بأي حال من الأحوال القضاء عليها, وأن كل ما عليهم فعله هو العمل الدءوب على تشويهها وذلك بالتلبيس على أهلها  وترويج لكل ما يخالفها على أنه من الإسلام افتراء وبهتانا. وكما و جدوا في  » اتاتورك » الإخلاص والوفاء لهم, وجدوا في سائر حكام المسلمين من يضاهيه بل يفوقه أحيانا في ولاءه للغرب و لحضارته, وحسبنا هنا ذكر صنو « اتاتور » « بورقيبة » باني دولة الحداثة ومثبّت أوكارها في تونس. ف « بورقية » كان بمفرده يشكل الطابور الخامس الذي استعمله الغرب في محاربة الإسلام. فلقد أفنى عمره في تعقب كل المفاهيم المغايرة لمفاهيم الحضارة الغربية وسعى إما لتحريفها أو طمسها كليا بالشكل الذي جعل نمط عيش المسلمين في تونس على نحو نمط العيش الغربي. وكانت أول خطوة خطاها في هذا الاتجاه غلق جامع الزيتونة وإلغاء تلقي العلوم الشرعية مما تسبب في قحط أصاب العقول والنفوس إلى درجة أن المسلم في تونس يجهل ما يُعلم من الدين بالضرورة. وبما أن الحضارة الإسلامية تُرعبهم ..ومجرد التزام المسلم بحكم شرعي واحد يقض مضاجعهم وينذر بعودة الأمة إلى دينها بوصفه مبدأ يشمل جميع جوانب الحياة..شنّ عليه الغرب حربا شاملة، ووكل كما أسلفنا الذكر ضعاف النفوس ومرضى العقول و القلوب  ليخوضوا تلك الحرب..وحددوا لهم المواطن التي يجب استهدافها والعمل على جعلها بوابة عبور نحو مستنقع الحضارة الغربية, وإغراقنا في ماءه الآسن بالكامل. فكان التركيز على ما سمَّوه قضية المرأة وحقوقها المهضومة. وطبعا كل أحكام الإسلام المتعلقة بالمرأة هي القضية وهي السالبة لحقوقها حسب ما يوسوس به شياطين الغرب في صدور أتباعهم ومريديهم من بني جلدتنا.

وفي هذا المجال خدم « بورقيبة » أسياده في الغرب بالفرية التي سمّاها مجلة الأحوال الشخصية, والتي أعلن في فصولها وبنودها الحرب على الله و رسوله, وحاز جراء الآثام التي احتوت عليها مجلته الثناء والتقدير من المسؤولين الكبار..كما هو شأن كل من سار على نهجه و اتبع خطاه, و آخرهم « صاحب الهيبة »  » الباجي قائد السبسي » رئيس الدولة الحالي, الذي أتت به الثورة من غياهب العهد البورقيبي متسلحا بفكر المقبور الظلامي الرجعي..فهو قدوته ومثله الأعلى, ومرجعه الأوحد في العمالة والخنوع للغرب. لذا تراه بمناسبة أو بدونها يعلن عن رفضه لتطبيق الشريعة الإسلامية في تونس,بل يطلق الوعود بعدم سماحه بتطبيقها والوقوف ضدّ من ينادي بها, وقد مرّ من القول إلى الفعل ..ووجد في عيدهم الأخير -عيد المرأة- فرصة سانحة لإظهار ولاءه للغرب, بإعلانه وجوب إلغاء أحكام المواريث وتطبيق ماأسماه « المساواة بين المرأة والرجل في الميراث »..كما دعا إلى إلغاء تحريم زواج المسلمة من غير المسلم, وفي الوقت نفسه ادعى أن دعوته تلك لا تعد تعدِّيا على الإسلام على اعتبار أن المواريث من المسائل التي لا دخل للدين فيها.!

يُحارب الإسلام ويفتري على الله الكذب, فقط ليُسدي خدمات لسيّده الغربي وينال رضاه, على حساب أمته ودينها, الدين الذي بغيابه عن الحياة غابت كرامة الأمة وهيبتها.. والسبسي اليوم يعمل ومن على شاكلته على طمس معالمه حتى لا يبقى له أثر في نفوس وعقول أهله, وهذا ما يعمل الغرب جاهدا لتحقيقه, لأنه يعلم يقينا أنه بعودة الإسلام لن يقدر على استعباد البشر, ونهبهم ومص دماءهم.

وبالمناسبة لنا أن نسأل  لماذا تطاول  » السبسي » على أحكام المواريث في الإسلام ولم يتطرق للمواريث في الديانة اليهودية؟ لقد كان خطابه  إلى التونسيين, ومن المعلوم أن بيننا يهود يحملون الجنسية التونسية؟ ألم يقولوا أن جميع التونسيين سواسية أمام القانون ولاسيما الدستور؟.. لقد قال « السبسي » أن عدم المساواة بين المرأة والرجل يخالف الدستور لذا يجب عدم تطبيق قوله تعالى:  » يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن » .. فهل تراه يُلزم اليهود التونسيين بتغيير نظام المواريث في ديانتهم حيث لا ترث المرأة إلّا إذا لم يكن لها أخ..كما أن الزوج يرث زوجته, ولا ترث الزوجة زوجها, قطعا لن يفعل. لأن المراد هو محاربة الإسلام دون سواه, لأنه هو الحق دون سواه. وهو الوحيد الذي يكنس الرأسمالية وعفنها دون سواه…

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus (0 )