من يحمي تونس من حرب صندوق النقد الدولي

من يحمي تونس من حرب صندوق النقد الدولي

القائد الأعلى وجنوده

تتوالى زيارات البنك الدولي أو البنك اللعين تحديدا إلى بلادنا تونس الخضراء، كما تتوالى مناوراته بين ترغيب وترهيب، ويشترط المانحون أو بالأحرى المحاربون مقابل مساعدة تونس على تجاوز أزماتها المالية إصلاحات عميقة، أي عمليات قتل نوعية تشمل المالية العامة والمؤسسات العمومية، إلى جانب مراجعة دعم أسعار المواد الأساسية والوقود، وها نحن نتجرع مرارة الإصابات اليومية في أقواتنا، في مدارسنا وفي الحياة السياسية أيضا، حيث أثخن العدو الكافر جراحنا باستنزافه للمواد الأولية ولجهد العاملين الكادحين.

كل ذلك يتم تحت إشراف الحكام المتواطئين، رئيس الدولة الذي لا يسمع إلا نفسه، ورئيسة الحكومة التي لا يهمها إلا إرضاء رئيس الدولة ولو على حساب الناس، والوزراء يعملون بصمت حفاظا على المناصب والوجاهة، إذا، كل هؤلاء انخرطوا بقبولهم التفاوض مع صندوق النقد الدولي في بيع القضية، قضية الحكم والرعاية، فضاعت مقدرات البلد للأجنبي.

ولئن سألتهم أو ساءلتهم فسيقولون تركة ثقيلة من زمن من قبلنا من الحكام السابقين وما أدراك ما « الترويكا » حزب النهضة وحزب المرزوقي وحزب التكتل، ولو حاسبت هؤلاء لقالوا مثل قولهم هي تركة الطاغية بن علي، ولئن ساءلت بن علي ليشهدن أنها تركة بورقيبة، وهكذا حلقة مفرغة لا تجد فيها حاكما أو سياسيا يتحمل تبعات الحكم والسياسة، ومن جهة أخرى لن تجد فصيلا واحدا منذ زمن الاستعمار إلى يوم الناس هذا يضع الإصبع على الداء فيقول إن سبب الخراب هو النظام الاقتصادي الرأسمالي والذي من أدواته الخبيثة صندوق النقد الدولي والحكومات السابقة بدون استثناء (حكومة الباجي قايد السبسي وحكومة حمادي الجبالي وحكومة علي العريض وحكومة المهدي جمعة وحكومة الحبيب الصيد وحكومة يوسف الشاهد وحكومة الياس الفخفاخ وحكومة هشام المشيشي) كانت عبدا مطيعا أمام هذه الحرب الاقتصادية التي يشنها الغرب بكل ضراوة وبدون هوادة، حيث اتخذ صندوق النقد الدولي من قروضه أي قذائفه الاقتصادية وسيلة فعالة لإخضاع الحكومات المتعاقبة وجعلها فاقدة للإرادة السياسية، بحيث لا تخطو أي خطوة إلا وفق توصياته، وأي خروج عن الخط المرسوم يؤدي إلى حجب الأقساط اللاحقة من القروض.

إذا من الواضح أن الغرب الكافر هو الذي يقود المعركة الاقتصادية وجنوده حكامنا وأتباعهم، والذي خاض الحرب التجارية مع الصين مثلا لأجل تفوقها في تقنية الجيل الخامس لن تأخذه بنا رحمة نحن المسلمين ونحن لسنا على ملته كما هي الصين. والذي يمارس عنجهيته الاقتصادية عبر منظمة التجارة العالمية لن تعوزه تونس وحكامها يقبلون أكتاف فرنسا المجرمة.

الابتزاز في رابعة النهار

وهذا الصندوق الماكر مؤسسة تستخدمه الدول الكبرى للتدخل في شئون دول العالم وإغراقها في دوامة الديون وفرض التبعية الاقتصادية عليهم، فقد ازداد الفقر وتضاعفت المشاكل حيثما حل، وبلدنا تونس خير شاهد على ذلك، فالإصلاحات الاقتصادية التي فرضها الصندوق علينا لم تزدنا إلا فقرا وعجزا. فهو أداة للابتزاز السياسي القتل الاقتصادي الممنهج فقط لا غير. وهو ما تؤكده تصريحات الحاكم الفعلي للبلد بريطانيا حيث أكدت سفيرة المملكة المتحدة بتونس، هيلين ونترتون، خلال لقائها، الثلاثاء 02/03/2022، رئيسة الحكومة، نجلاء بودن رمضان، استعداد بريطانيا لدعم تونس خلال مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي باعتبارها عضوا في مجلس الصندوق. وبما أن أوربا المحتلة تتحرك ككتلة سياسية واحدة وتنظر إلى المستعمرات نظرة واحدة فقد هدد سفير الاتحاد الأوروبي بتونس ماركوس كورنارو النظام التونسي، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر، يوم الثلاثاء أي في اليوم نفسه، أن اختيار تونس الحياد فيما يتعلق بالغزو الروسي لأوكرانيا هو بمثابة الموقف وكتب كورنارو: « المحافظة على الحياد بين المعتدي والضحية هو موقف في حد ذاته ». وما كان من النظام السياسي التونسي إلا التصويت في مجلس الأمن لصالح قرار يرضي « المسؤول الكبير ».

متى سنسكت عن الصراخ في وجه الحرب الاقتصادية الغربية

سؤال بسيط وجوابه أسهل،سنكف عن كشف هذه الحرب الاقتصادية حين يرفع الغرب وصايته عنا بالخروج من بلادنا بأفكاره وحلوله الفاشلة، حين يعترف الحكام والسياسيون بأن النظام الاقتصادي في الإسلام هو سفينة النجاة من التبعية الاقتصادية. ولو أن الغرب الكافر أعطانا كنوز الدنيا وهو لا يعطيها بالتأكيد، فان هذا لا يحل مشاكلنا الاقتصادية لأن الأمر لا يكمن في الموارد المالية فقط بل يتعلق أيضا بكيفية توزيعها، ومادام صندوق النقد الدولي هو الذي يعطي المال لهذا النظام فإنه يعطيه كيفية الإنفاق بما يمهد لمرحلة من الاستعمار الاقتصادي الجديد. ولن يحمي تونس من حرب صندوق النقد الدولي إلا نظام سياسي مستنبط من العقيدة الإسلامية ألا وهو نظام الخلافة، النظام السياسي الوحيد الذي يوافق الفطرة البشرية ويقنع العقل ويملا القلب طمأنينة.

أ.محمد السحباني

CATEGORIES
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )