جواب سؤال: الأزمة السياسية والاقتصادية بين ترامب وأوروبا وبخاصة ألمانيا

السؤال:

تصاعدت في الآونة الأخيرة الأزمة السياسية والاقتصادية بين ترامب وأوروبا وبخاصة ألمانيا… مع أنه كان من المتوقع أن يقتصر هذا التصعيد الذي قام به ترامب على المرحلة الانتخابية كما هو عادة المرشحين في الغرب… لكنه استمر في التصاعد بعد توليه الحكم، فما أسباب ذلك؟ ثم لماذا التصاعد الأكبر مع ألمانيا؟ وما النتائج المتوقعة بعد هذه الأزمات المتصاعدة بين أمريكا وأوروبا وبخاصة ألمانيا؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب:

 أولاً: أما أسباب تصاعد تلك الأزمة السياسية والاقتصادية فهي ما قام به ترامب خلال المرحلة الانتخابية وما بعدها من تصرفات فوقية استفزازية للحلفاء ناهيك عن العملاء:

 1- لقد أصر الرئيس الأمريكي وفق قناعاته التي أعلنها خلال حملته الانتخابية 2016 بأن دول الناتو مدينة للولايات المتحدة الأمريكية بسبب المساهمة الكبيرة لأمريكا في ميزانية الحلف، وأن هذه الدول يجب عليها أن تدفع لأمريكا لقاء حمايتها لها في العقود الفائتة! وبعد تسلمه لمهام منصبه 2017/1/20 فإن الرئيس الأمريكي قد أخذ يحاول تطبيق قناعاته تلك وتحويلها إلى مواقف رسمية للدولة في أمريكا، فأخذ يطالب الأوروبيين خاصة الألمان بالمزيد من المساهمة في ميزانية حلف الناتو، ذلك الحلف الذي أظهر ترامب شكوكاً كبيرة حوله، وصار يحتج أمام الألمان كذلك على عجز ميزان بلاده التجاري مع ألمانيا. وفي أول لقاء له مع المستشارة الألمانية في واشنطن (استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في البيت الأبيض، لكن التوتر كان جليا والخلافات واضحة وخصوصا بشأن ملفي التبادل الحر والهجرة…) (فرانس24، 2017/3/17). وقبل لقائه معها (قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن ألمانيا مدينة لحلف شمال الأطلسي « بمبالغ طائلة » وأن على برلين أن تدفع للولايات المتحدة المزيد للدفاع عنها، قال ذلك غداة لقائه المستشارة أنجيلا ميركل، وكتب ترامب على تويتر « ألمانيا مدينة بمبالغ طائلة لحلف الأطلسي ويفترض أن تتسلم الولايات المتحدة مبالغ أكبر من أجل الدفاع القوي والمكلف جدا الذي توفره لألمانيا »…) (اليوم السابع 2017/3/18)… وقد رفضت ألمانيا أن تتعامل معها أمريكا بعقلية رئيس المافيا الذي يطلب الأتاوات، (رفضت وزيرة الدفاع الألمانية الأحد اتهامات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن بلادها تدين لحلف شمال الأطلسي بمبالغ طائلة، وللولايات المتحدة مقابل نفقات عسكرية، حيث قالت أورسولا فون دير ليين المقربة من المستشارة أنغيلا ميركل في بيان « لا يوجد حساب سجلت فيه ديون لدى حلف شمال الأطلسي » مضيفة أن النفقات ضمن حلف الأطلسي يجب ألا تكون المعيار الوحيد لقياس الجهود العسكرية لألمانيا…) (فرانس24، 2017/3/19).

2- وفي قمة حلف الناتو 2017/5/25 زاد الرئيس الأمريكي من نبرة خطابه ضد الدول الأوروبية بشأن مساهمتها المالية في الحلف (الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاضر في قادة دول الناتو بكلمة أربكت الحضور الذين ظهرت عليهم علامات التعجب والاستغراب من الخطاب الذي وجهه ترامب لهم، في تصريحات صادمة حول الدعم الأمريكي لحلف الشمال الأطلسي. وظهر ترامب في فيديو يوبخ قادة دول الناتو ويحاضرهم، وكانت ردود أفعالهم معبرة عن استغرابهم، لا سيما المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون. وقال ترامب في الفيديو وفق ما ترجمته « عربي21″، لقادة دول تحالف الناتو: « يجب أن يساهم أعضاء الناتو في دفع حصتهم العادلة، وأن يقوموا بالتزاماتهم المالية ». ووجه حديثه موبخاً: « 23 من الدول الـ 28 الأعضاء لم تدفع بعد التزاماتها المالية للحلف »، مضيفا أن هذا الأمر « ليس عادلا للشعب الأمريكي ودافعي الضرائب في الولايات المتحدة ». وقال إن « العديد من هذه الدول تراكمت عليها مبالغ هائلة من المال خلال السنوات الماضية للناتو، ولم يسددوها بعد ». وزاد من توبيخه لقادة الدول بالقول إنه « خلال الثماني سنوات الماضية أنفقت أمريكا المزيد من الدعم لتحالف الناتو أكثر مما أنفقته جميع دول الناتو مجتمعة ». وكان واضحا على قادة دول الناتو اندهاشهم من تصريحات ترامب، وبدأوا يتلفتون إلى بعضهم، وتظهر عليهم آثار التوتر جراء حديثه غير المسبوق وغير المتوقع، وسخر ترامب من قادة الدول الأعضاء في الناتو، قائلا: « لم أسألكم ولو لمرة واحدة ما تكلفة المقر الجديد للناتو! أنا أرفض أن أقوم بذلك »…) (عربي21، 2017/5/27).

  • ·    كل هذه التصريحات والمواقف من ترامب تسببت في تكوين تلك الأزمات وتصعيدها مع أوروبا.

ثانياً: أما لماذا تصاعدت الأزمة أكثر مع ألمانيا عن غيرها من الدول الأوروبية، فذلك يرجع إلى الأسباب التالية:

1- إن ألمانيا هي المركز المالي الأكبر في أوروبا، والاقتصاد الرابع عالمياً بعد أمريكا والصين واليابان، لذلك ظلت عيون ترامب متجهة صوبها في محاولة لجني أموال وفيرة منها لصالح الولايات المتحدة، خاصة وأن أمريكا تتذرع على الجانب الألماني بالمخاطر الروسية لدفع ألمانيا إلى المزيد من المساهمة والمشاركة والعطاء داخل الناتو، وهي ذريعة تستخدمها أمريكا ضد البلدان الأوروبية كافة خاصة في الشرق لزيادة ربطها عسكرياً بأمريكا.

2- وكذلك من ناحية قلة إنفاق ألمانيا في الحلف، إذ تنفق برلين 1.2% من دخلها القومي على النواحي العسكرية (42 مليار دولار)، وهي بذلك تنفق أقل من فرنسا التي يبلغ إنفاقها العسكري 1.79% من ناتجها القومي (44 مليار دولار)، وكانت دول الناتو قد اتفقت على أن ينفق كل عضو 2% من ناتجه القومي، الأمر الذي تلتزم به فقط بريطانيا بالإضافة إلى دول أخرى قليلة وهامشية في أوروبا، ولا تلتزم به الدول الرئيسية في القارة. علماً بأن أمريكا تنفق 3.61% من دخلها القومي على النواحي العسكرية (664 مليار دولار)، وهي بذلك وحدها صاحبة أكثر من ثلثي الإنفاق العسكري داخل منظومة الناتو (أرقام الإنفاق العسكري الواردة أعلاه كما نشرها موقع العربي الجديد 2017/5/27 لإنفاق عام 2016).

3- يميل الميزان التجاري بين أمريكا وألمانيا لجهة الأخيرة بشكل كبير، نحو ستين مليار يورو، فقد بلغ حجم التجارة الأمريكية الألمانية 165 مليار يورو خلال 2016، منها 107 مليارات يورو حجم الاستيراد الأمريكي من ألمانيا، كما جاء في موقع عربي 21، 2017/2/24… أي أن حجم الاستيراد الألماني من أمريكا هو الباقي 58 ملياراً! وهكذا فقد ترامب أعصابه وتصاعدت تصريحاته ضد ألمانيا: (اشتكى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء اجتماعه مع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل من سياسة ألمانيا التجارية، بحسب ما نقلته مجلة « Der Spiegel » عن مشاركين في القمة. وذكر مصدر مطلع للمجلة أن ترامب قال في هذا الصدد: « الألمان سيئون، سيئون للغاية. انظروا إلى ملايين السيارات التي يبيعونها في الولايات المتحدة. رهيب. نحن سنوقف ذلك »…) (روسيا اليوم 2017/5/26)، وكذلك (قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حسابه على موقع « تويتر » للتدوينات القصيرة إن « لدينا عجزا تجاريا هائلا مع ألمانيا، إضافة إلى أنهم يدفعون أقل بكثير مما يتعين عليهم بالنسبة للناتو والجيش ». وأضاف « هذا سيئ جدا للولايات المتحدة. وهذا سوف يتغير »…) (DW 2017/5/30) انتهى.

4- عندما انتهت قمة الناتو، وفشلت قمة مجموعة السبع الكبار في إيطاليا بخصوص المناخ، سارعت ألمانيا للدفاع عن أوروبا وتصدرت الموقف الأوروبي، فبحسب ما نقلته الجزيرة نت 2017/5/29، فقد وجه وزير الخارجية الألماني سيغما غابرئيل انتقادات حادة للرئيس الأمريكي ووصف سياسته بأنها « قصيرة النظر » وأن أمريكا تحت قيادة ترامب لم يعد لها موقع قيادي في المجتمع الدولي الغربي، ونقلت عن الوزير الألماني اليوم السابع 2017/5/29 أيضاً قوله (إن تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب « أضعفت » الغرب. وأضاف أن « أي شخص يعمل على تسريع التغير المناخي من خلال إضعاف حماية البيئة، ويبيع المزيد من الأسلحة في مناطق النزاع ولا يرغب فى حل النزاعات الدينية سياسيا، يعرض السلام في أوروبا للخطر »، مؤكدا أن سياسات واشنطن « القصيرة النظر تلحق أضرارا بمصالح الاتحاد الأوروبي ».)، وقد جاءت تصريحات الوزير الألماني بعد يوم واحد من تصريحات صادمة هي الأخرى للمستشارة الألمانية ميركل (أعلنت أنغيلا ميركل أنها اقتنعت أخيرا أنه لا يمكن لأوروبا بعد اليوم أن تعول على الآخرين، في إشارة إلى واشنطن التي مارست خلال الأيام الأخيرة ضغوطا كبيرة لانتزاع مكاسب من حلفائها. ونقلت صحيفة Bild الألمانية عن ميركل قولها: « لقد ولى الزمن الذي كنا نتكل فيه بالكامل على الآخرين. هذا ما أدركته في الأيام الماضية… يجب علينا نحن الأوروبيين أن نأخذ زمام أمورنا بأيدينا »…) (روسيا اليوم 2017/5/28).

5- بدأت أمريكا تلاحظ « شبه تمرد » ألماني على أمريكا وأن ألمانيا تحاول تصدر أوروبا في مواجهة أمريكا وبخاصة وأن ألمانيا تتصدر الكثير من المواقف الأوروبية وتسعى لفرض نفسها كقوة عالمية، حتى بدون امتلاكها للأسحلة النووية، وكانت تنتظر فرصتها بوجود مناخ دولي يسمح لها بالبروز. واليوم ترى ألمانيا بأن المناخ في أوروبا والعالم يساعدها على استعادة عظمتها بسرعة، لذلك تراها لا تبالي بأن تتصدر الدول الأوروبية في مواجهة السياسات الأمريكية ومواجهة روسيا، وأما حقيقة هذا المناخ الحديث للغاية والتهيئة المتسارعة أمام ألمانيا، فهي على النحو التالي:

أ- ببدء مسيرة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فقد تحررت ألمانيا من تلك القيود التي كان يفرضها ثنائي بريطانيا وفرنسا على حركتها الدولية من خلال الاتحاد الأوروبي، فقد كانت أسيرة التوافقات الأوروبية التي غالباً ما كانت تخدم بريطانيا وفرنسا دولياً…

ب- بظهور ضعف في السياسة الأمريكية برز بشكل واضح بتبني الرئيس الجديد ترامب سياسة « أمريكا أولاً »، فقد أصبح تحرر ألمانيا من القيود الأمريكية أسهل، إذ إن ألمانيا كانت تنقاد لأمريكا بحكم المصالح المشتركة للغرب، وأما اليوم فإن أمريكا قد أخذت علناً تبحث عن مصالحها دون مراعاة المصالح المشتركة لحلفائها، وبذلك فإن ألمانيا قد وجدت ما يكفي من المبررات لصياغة سياسة خاصة بها بغض النظر عن السياسة الأمريكية. وسياسة ترامب هذه تهيئ المناخ بقوة لبروز ألمانيا من جديد. وإذا كانت ألمانيا ومعها باقي الدول الأوروبية قد شاهدت كيف أبعدتها إدارة أوباما السابقة عن الأزمة السورية، واستجلبت لأجل ذلك روسيا من بعيد، إلا أن تلك الإدارة لم تتنصل من تحمل تبعات قيادتها للعالم الغربي، ولكن إدارة ترامب اليوم تتنصل علناً، وبقلة حنكة، من حلفائها الأوروبيين، وعينها مفتوحة على ركن واحد من عظمتها هو الاقتصاد الأمريكي والأعباء المالية التي تتحملها أمريكا لقاء قيادتها للعالم، وهذا قصر نظر أصبحت تعاني منه أمريكا له ما بعده.

ج- التغييرات الجوهرية في فرنسا، فقد كشفت الانتخابات الأخيرة في فرنسا عن تغيير جوهري في الحياة السياسية الفرنسية، فقد اضمحل تأثير الأحزاب الرئيسية اليمينية والاشتراكية التي حكمت فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، وقد أسقطت الانتخابات الأخيرة 2017 رموز تلك الأحزاب بالكامل، وجاءت برئيس شاب لا ينتمي لأي حزب عريق في السياسة… وهذا يدفع ألمانيا لمزاحمة فرنسا بقوة في القيادة السياسية لأوروبا.

 

لكل ذلك فقد كانت ردات الفعل الألمانية على سياسة ترامب هي الأبرز أوروبياً، وقد خلت من الألاعيب الانتخابية، فقد وقف منافسو المستشارة ميركل في الانتخابات القادمة إلى جانبها ضد السياسات الأمريكية (طرح مارتن شولتس، رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي ومنافس المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على المستشارية، خطة من خمس نقاط من أجل أوروبا قوية في مواجهة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. (وقال شولتس، الذي سينافس المستشارة أنجيلا ميركل على منصب المستشار، خلال استقبال أعدته

الكتلة البرلمانية لحزبه الاشتراكي لشخصيات اقتصادية اليوم الأربعاء، في برلين إن « أوروبا قوية أمر حاسم بالنسبة لسلامنا ورخائنا وأمننا »…) (موقع رأي اليوم 2017/5/31). وأيضاً (دعا مارتن شولتس منافس المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على منصب المستشار، كل الديمقراطيات في أوروبا، إلى أن « توضح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حدوده ». وقال شولتس زعيم الحزب الاشتراكي، مساء اليوم الاثنين في برلين « ولذلك فإن واجب الساعة هو أن نقف في وجه هذا الرجل بكل ما نمثله، وأيضا في وجه سياسته الخطيرة الخاصة بالتسلح التي يريد أن يجبرنا عليها ».) (عربي 21، 2017/5/29).

 

  • ·    هذا الواقع الألماني الذي يراه ويسمعه ترامب جعله يعطي الحظ الوافر من هجومه لألمانيا!

 

 

ثالثاً: أما المتوقع نتيجة هذه التغييرات السياسية الدولية فيرجح أن تكون:

 

– اتساع الشق الأوروبي الأمريكي لينتج عنه هوة ليس من السهل ردمها، إلا إذا تداركت أمريكا الموقف قبل نهاية رئاسة ترامب… والذي يشير إلى هذا ويؤكده هو انسحاب إدارة ترامب من اتفاقية باريس للمناخ 2017/6/2، لتجد أمريكا نفسها أمام عاصفة من الانتقادات الأوروبية التي وصفت الخطوة الأمريكية بالخاطئة والخطيرة، مطالبةً العالم بالاعتماد على القيادة الأوروبية لتحدي التغيير المناخي (وفي بيان مشترك ونادر صدر أمس في روما، عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني، عن الأسف لقرار الولايات المتحدة الانسحاب من اتفاق باريس، مشددين في الوقت ذاته على عدم إمكانية إعادة التفاوض على الاتفاق،…، وفي باريس، اعتبر ماكرون أن الرئيس الأمريكي ارتكب خطأ تاريخيا بالانسحاب من اتفاق باريس للمناخ… وفي وقت سابق أمس، قال المفوض الأوروبي للتحرك بشأن المناخ ميغيل أرياس كانيتي إن العالم « يمكنه أن يواصل التعويل على أوروبا لقيادة التصدي للاحتباس الحراري »، مبديا أسفه الكبير لـ »قرار إدارة ترامب الأحادي ».) (الجزيرة نت 2017/6/2)، وهذا الشق والشرخ يشمل دول أوروبا الرئيسية، ولا تكاد تبتعد عنه إلا بريطانيا التي تتسلل كالأفعى، وكعادتها لمزيد من الالتصاق بأمريكا على أمل أن يكون لها مكانة أكثر أهمية في العالم.

 

– المشهد الأوروبي مقبل على مزيد من البروز للقيادة الألمانية على المستويين السياسي والاقتصادي، وما يشير إلى هذا ويؤكده هو تَصدُّر المسؤولين الألمان للرد على السياسات الأمريكية، وإعلان رغبة ألمانيا بنقل الخلاف مع الولايات المتحدة إلى العلن… وهذا إن توسع كثيراً فإنه سيخلخل أوروبا بشكل كبير، وقد يدفع في نهايته إلى تسلح سريع لألمانيا ومن العيار الثقيل.

 

  • وهذان الأمران يستحقان الوقوف عندهما بقوة لأن ما ينتج عنهما سيؤثر في نشوء مرحلة جديدة في السياسة الدولية ومن ثم الموقف الدولي.

رابعاً: ومن المؤلم أن هذه التغييرات الكبيرة التي تجري في العالم، وهذا المناخ الدولي الجديد، كله يأتي في ظل غياب دولة الإسلام، دولة الخلافة، فلا يستفيد المسلمون من هذا المناخ، ومن تلك التغييرات، بل ولا يزال حفنة من الحكام العملاء في بلاد المسلمين ساهرين لمنع الإسلام من البروز والتأثير في الحلبة الدولية، وأكثر من ذلك يسلمون طاقات الأمة الاقتصادية لإنقاذ أمريكا، بدل إهلاكها! ولكن هؤلاء وأسيادهم لن يطول وقوفهم ضد التيار، فالسوس ينخر سيدهم، وتيار الأمة الذي يشكله المخلصون ومعهم الملايين من المسلمين المندفعين لتحكيم شرع ربهم وإقامة دينهم بخلافةٍ على منهاج النبوة، هو تيار ثابت متصاعد سيؤتي أكله قريباً بإذن الله العزيز الحكيم القائل: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾.

 

 

 

الثاني عشر من رمضان 1438هـ

 

2017/6/7م

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )