إلى السبسي: طريق الحرير يمر فوق دماء المسلمين..

إلى السبسي: طريق الحرير يمر فوق دماء المسلمين..

 اجتمع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بسفير جمهورية الصين الشعبية, يوم الجمعة 25/08/2018 في قصر الرئاسة بقرطاج, وقد استعرض الجانبان متانة العلاقات الثنائية بين البلدين وضرورة توسيع الشراكة السياسية والاقتصادية لا سيما بعد انضمام تونس ل »مبادرة الحزام وطريق الحرير » في جويلة 2018, كما أن الصين ستحتضن القمة الدولية ل »منتدى التعاون الإفريقي الصيني » يومي 3 و4 من سبتمبر القادم ببكين وذلك حسب البلاغ الرسمي الصادر عن رئاسة الجمهورية التونسية .

إن الناظر إلى هذا اللقاء رفيع المستوى بين رئيس تونس وسفير الصين وما انبثق عنه من التزامات سياسية في الاتجاهين التونسي والصيني ليدرك مدى الانسجام التام بين الدولتين « سمن على عسل » إلا أن القراءة السياسية من زاوية العقيدة الإسلامية ستكشف عن وادي الدماء الذي يتستر عليه النظامان تحت مسمى التنسيق الاقتصادي وخاصة في منطقة تركستان الشرقية.

ان القاصي والداني يعلم مدى الحقد الشيوعي الصيني على المسلمين وعقيدتهم الإسلامية, فحزب « ماوتسي تنغ » يعتقد بشدة بأنه لا يوجد خالق لهذا الكون « إن هي إلا أرحام تدفع وأرض تبلع », وعلى هذا الأساس تبني الدولة جميع قوانينها, في حين يخالفه المسلمون إذ يعتقدون بأن للكون خالقا هو الله الواحد الأحد وأنه الآمر والناهي, وأنه يحاسبنا في الآخرة, وعلى هذا الأساس تنشأ الدولة ونظامها وقوانينها.. إذا ان دولة السور العظيم على النقيض مما يعتقد المسلمون فالمسألة إذا هي مسألة صراع حضاري, وشعارها في الصين وجميع بلاد العالم « ننهب المسلمين أو نقتلهم ».

أما لماذا تزداد « إدارة التوحش الصيني » عنفا في تركستان الشرقية تحديدا فالسبب واضح وهو أن هذا الإقليم يتمتع بقوة لو يمسك المسلمون عليها تحت إشراف سياسي منضبط لأدى ذلك إلى خلخلة كيان الموقف الدولي وبالتالي سقوط « افك السحر العلماني ». (نشير إلى أن مساحة تركستان الشرقية تبلغ 1660 مليون كم2 حيث تأتي في الترتيب التاسع عشر بين دول العالم من حيث المساحة إذ تعادل مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا وتشكل خمس المساحة الإجمالية للصين وهي عصب صناعات الصين الثقيلة والعسكرية؛ فالصواريخ الصينية النووية والصواريخ البالستية عابرة القارات تُنتج في تركستان الشرقية, عدا الثروات الباطنية التي تحويها من معادن وطاقة بكميات كبيرة).

يقول وانج دهوا، الأستاذ في معهد شنغهاي للدراسات الدولية: « شنيجيانغ (أي تركستان الشرقية) عنصر حاسم في مبادرة الحزام والطريق؛ لأن اثنين من ممراتها الاقتصادية يمران عبر « المنطقة » من دون استقرار شنيجيانغ، لا يمكن تحقيق أي شيء آخر » .

وفي نظر الحزب الشيوعي الحاكم، فإن الأحلام الجيوسياسية التي يراها في شنيجيانغ(تركستان الشرقية) معقدة بسبب الإيغور المسلمين وعقيدتهم التي تمنعهم من بيع الأرض والعرض، وهم بعيدون عن كونهم القوة العاملة الطيعة الوديعة التي تحتاج إليها لاستغلال موارد المنطقة ولذلك تقوم دولة السور « تحت السور » بكافة أنواع الإجرام في حق المسلمين متحصنة بشرعة الغاب الدولي وحق الفيتو المشؤوم.

 وآخر ما ابتدعته الصين لاضطهاد مسلمي الإيغور مثلا ذو الغالبية الساحقة في إقليم تركستان الشرقية الذي أطلقت عليه الصين اسم « شنيجيانغ  » منذ احتلالها له عام 1949م : القيام بحملة لإجبار المسلمين الإيغور في الإقليم على معايشة ملحدين صينيين واستضافتهم في بيوتهم, وهذا الاسم الكاذب المخادع الذي أطلقته السلطات الصينية على حملتها الجديدة هو : « القرابة التوأمية », وهو في الحقيقة شعار مكشوف تخفي وراءه الحكومة الصينية مآرب أخرى لم تعد تخفى على أحد أهمها : إحداث تغيير ديمغرافي في الإقليم لصالح أتباع الصين من « الهان » وغيرهم من الملحدين والمجرمين تماما كما يفعل الطغاة وأعداء الإسلام والمسلمين في كل مكان من أجل السيطرة على مكامن الطاقة والثروة… إنها محاكم تفتيش جديدة.

أما عن التعذيب الجسدي للمسلمين في المقرات الرسمية للدولة وما يتعرضون له هناك من محرقة يومية أو ما يمكن أن نسميه « بصباط الظلام » على الطريقة الصينية ( والرئيس التونسي أعلم الناس بصباط الظلام) فحدث ولا حرج. وهذه المحرقة تكلم عنها الغرب حين انكشفت سوءة النظام الصيني أكثر من اللزوم فكان لا بد من ذر بعض رماد حقوق الإنسان حتى لا يكفر الناس بالنظام الدولي الديمقراطي.

وعن القهر الممنهج الذي تمارسه الصين على المسلمين يقول الدكتور مانفريد نوفاك، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب،  » التعذيب في سجون الصين لا يزال واسع الانتشار، ويستهدف بشكل كبير الإيغور والتبتيين »، ويعلق على زيارة قام بها لبعض مراكز الاعتقال في تركستان الشرقية وبكين، بالقول « على مدى السنوات الماضية استخدمت السلطات الصينية الكثير من طرق التعذيب منها الهراوات والصدمات الكهربائية والسياط، وأغطية الرأس والعينين، والإبر، والزيت الحار لتعذيب السجناء من بين أشكال أخرى مثل الحرمان من النوم وغمر المياه وتشويه جسدي » وتشير تقارير لمنظمة العفو الدولية أن عقوبة الإعدام تستخدم على نطاق واسع في تركستان الشرقية وعدد أحكام الإعدام التي صدرت في تركستان الشرقية هو أعلى بكثير مما كانت عليه في بقية الصين. وتعتقد منظمة العفو الدولية أن العديد من الذين أعدموا كانوا ضحايا عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو القتل المتعمد.

كل هذه المجازر الدموية تحت إشراف نظام جمهوري صيني, وكل هذه الاعتداءات الرسمية على ثروات المسلمين في تركستان الشرقية وهذا الاستعمار السافر الذي لا يستحي قد مر أمام أعين رئيس نظام جمهوري اخر وهو السبسي.. مما يحيلنا الى السؤال التالي أهكذا هي جمهوريتكم دماء وتستر…؟

أما كان لرئيس تونس أن يقف و » بكل حزم » أمام سفير دولة السور العظيم ويطالب بدماء المسلمين الطاهرة؟ أما كان للقائد الأعلى للقوات المسلحة بدل أن يبحث مع مجلس الأمن القومي عن حل لحزب التحرير أن يبحث عن الحلول العملية لصد العدوان الصيني على ثروات الناس والعمل تحت قانون الطوارئ الإسلامي « هناك مؤمن يهان » وأن يكون الرد المناسب على طريقة حكام المسلمين الأشاوس « الجواب ما ترى لا ما تسمع ».

من ناحية الممكن السياسي كان للسبسي أن يفعل ولكنه كالعادة يناكف التشريع الرباني بإرادته ويضادد قول الرسول صلى الله عليه وسلم « المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه » ومنه فانه يتحمل مسؤولية الدماء التي تسيل والأرض التي تنهب من باب الصلاحيات التي وكلت إليه, ويتحمل مسؤولية خذلان المؤمنين الأبرياء, قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موضع يحب فيه نصرته) ومن باب الاعتقاد في أن النار حق والجنة حق, فان كل مسؤول يخاف من غدر أمانة الحكم, قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة).

إن غياب الثقافة السياسية التي تنبثق عن العقيدة الإسلامية هي التي جرت على الأمة الويلات في نظام الحكم الرأسمالي حتى أتى الزمان الذي نطق فيه « الرويبضة » وضاعت فيه مصالح الناس واستخف بحرمة الدماء الأبية, وصارت « مبادرة الحزام والحرير » التي انضمت إليها تونس مؤخرا « تكتيكا سياسيا » سيدر علينا المال صبا ولا ضير إن مرت النهضة الاقتصادية على دماء المسلمين, ولا مانع من أن تشبع بطون المافيا والناهبين من جيوب الفقراء والمساكين.. والا فأنت لا تفهم في الاقتصاد والدولاب وتكره الجمهورية والوطنية.

ان تركستان الشرقية وغيرها من بلاد المسلمين لا جنة لها ولا حماية ولا أمان في ظل بقاء الأمة بلا خليفة.. قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم (انما الامام جنة يقاتل من ورائه و يتقى به).

محمد السحباني

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )