الملكية العقارية تفعّل « اتفاقيات الاستيطان » باسم الوطنية صار المسلم « مستوطنا » في بلده!

الملكية العقارية تفعّل « اتفاقيات الاستيطان » باسم الوطنية صار المسلم « مستوطنا » في بلده!

أصدرت إدارة الملكية العقارية في تونس قراراً يمكّن الجزائريين والليبيين غير المقيمين في تونس من اقتناء عقارات سكنية من دون الحصول على ترخيص مسبق من الولاة (المحافظين)، وذلك في إطار تفعيل « اتفاقيات الاستيطان التي تربط تونس بليبيا والجزائر.
ويجيز القرار الجديد للجزائريين والليبيين غير المقيمين في تونس اقتناء عقارات سكنية لا يقل سعرها عن 300 ألف دينار، على أن تجري عمليات الاقتناء بالعملة الصعبة مع إظهار ما يفيد ذلك لدى تقديم وثائق تسجيل العقار.

المصادقة على اتفاقيات « الاستيطان »

في علاقتها مع عديد الدول المجاورة, أبرمت الحكومة التونسية عدة اتفاقيات استيطان مع عدة دول على غرار الجزائر والمغرب وليبيا والنيجر, تمّ الإقرار بمقتضى هذه الاتفاقيات لرعايا هذه الدول حق اكتساب الملكية في تونس ومعاملتهم معاملة الرعايا التونسيين وبالتالي اعفاءهم من اشتراط الحصول المسبق على الرخصة الإدارية كلما كانوا اطرافا في العمليات العقارية. حيث يشترط قانون الملكية العقارية على « الأجانب » الحصول على رخصة الولي في العمليات العقارية.

إذ أبرمت تونس مع ليبيا بمدينة طرابلس اتفاقية في 14 جوان 1961 تمت المصادقة عليها بالقانون عدد 1 لسنة 1962 المؤرخ في 9 جانفي 1962 واتفاقية مع الجزائر اتفاقية بمدينة الجزائر في 26 جويلية 1963 المصادق عليها بالقانون عدد 34 لسنة 1966 المؤرخ في 3 ماي 1966 واتفاقية مع المملكة المغربية بمدينة تونس في 9 ديسمبر 1964 والمصادق عليها بالقانون عدد 35 لسنة 1966 المؤرخ في 3 ماي 1966 واتفاقية مع النيجر المبرمة بمدينة تونس في 18 اكتوبر 1966 والمصادق عليها بالقانون عدد 14 لسنة 1967 المؤرخ في 10 أفريل 1967.

كما تم تبادل رسائل بين تونس وفرنسا بتاريخ 20 اكتوبر 1997 قصد تسوية املاك الفرنسيين بتونس والمتعلقة بالعقارات المبنية أو المكتسبة قبل غرة جانفي 1956 وتمت المصادقة على هذا التبادل للرسائل بالقانون عدد 104 لسنة 1998 المؤرخ في 18 ديسمبر 1998 وكذلك مع الدولة الإيطالية بتاريخ 24 جويلية 1999 وتمت المصادقة على ذلك بالقانون عدد 5 لسنة 2000 المؤرخ في 24 جانفي 2000.

ولعلّ ما يهمّنا في هذا الجانب هو العلاقة التي حدّدتها الحكومة التونسية بينها وبين اخوتها من البلاد الاسلامية (ليبيا والجزائر والمغرب..) بعد المصادقة على كل هذه الاتفاقيات, إذ أنه من المعلوم أنّ الروابط بيننا وبين شعوب هاته الأقطار ليست كالتي بين تونس وفرنسا او ايطاليا أو غيرها من دول اوروبا الكافرة المستعمرة التي احتلت افريقيا بشمالها وغربها لعقود, حيث يقول المولى جل وعلا في سورة القلم: « أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمينَ كَالمُجرِمِين, مالكم كيف تحكمون ».

كما من المعلوم أيضا أن في فقه القانون الوضعي الذي اعتمدته دولة ما بعد الاحتلال العسكري في تونس أن الاتفاقية هي أعلى درجة من القانون طبق التسلسل الهرمي للقوانين التي يحتل الدستور أعلى مراتبها ثم تأتي المعاهدات الدولية والقوانين الداخلية والأوامر والمناشير. أي أن اتفاقية الاستيطان هذه تكتسي طابع الأولوية في التنفيذ والحرص على التطبيق العملي لمقتضياتها من قبل الحاكم المباشر في المجال العقاري.

اذ بهذه الاتفاقية تعتبر الحكومة التونسية أن القادم من الجزائر او المغرب او ليبيا او من أي قطر اخر خارج الحدود التي رسمها سيئا الذكر الأوروبيان مارك سايكس وجورج بيكو, هم أجانب وغرباء لا حق لهم في تونس إلا بشروط مهينة تؤكد ذاك التوصيف وتبرزه اكثر (أجنبي).

من هو الأجنبي عند حكام اليوم؟

بالرجوع إلى مجلة الجنسية التونسية وبعض القوانين الأخرى ذات العلاقة كالقانون الإداري والقانون الدستوري وقانون الحالة المدنية والقانون التجاري والقانون الدولي الخاص والقانون الدولي العام فإنّ الأجنبي هو كل شخص لا يحمل الجنسية التونسية بقطع النظر عن كونه مقيما بالتراب التونسي أم لا.

حين يُعَدّ الإخوة في الدين والجيران في الأرض أجانبا لا حق لهم في أرض تونس إلّا بعد قبول سلطة حراس سايكس بيكو, وبعد دفع مبلغ كبير من العملة الصعبة.. حيها يندى الجبين قهرا لما يُحس به الوافد من هناك الى هنا, ويقف الفكر والتفكير في امكانية صلاح هكذا حكومات تتفانى في حماية اتفاقية التقسيم بين الاخوة بكل ما يأتيها شيطانها من مكر وذلّة مقدمة للعلن بصورة الحامي لمصالح « المواطنين » والحفاظ على أملاكهم.. كما فعل حافظ الملكية العقارية في تونس نهاية سنة 2017 حيث أصدر مذكرة تحدد شروط تسجيل شراء « المواطنين الليبيين » لعقارات سكنية في تونس، “في إطار حماية « المواطن التونسي » وخاصة الطبقات الوسطى والضعيفة ولتوفير الموارد المالية الضرورية لخزينة الدولة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به بلادنا” كما جاء في نص المذكرة.

يُمعن الحكام والمسؤولون في شمال افريقيا _كما في كل ركن من بلاد المسلمين_ في ترسيخ كل ما من شأنه ابقاء حالة التفرقة والمنع بين المسلمين في بلد يمتد على ساحل البحر الأبيض المتوسط وحتى المحيط الأطلسي، ويشمل وفق تسميات اتفاقية التقسيم المشؤومة موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا. التي تبلغ مساحتها مجتمعة حوالي 5.782.140 كلم². هذا دون ان نأتي على باقي بلدان الجانب الافريقي من المعمورة.

فمناداة المسلم بلفظ « أجنبي » وهو في بلد أهله مسلمون ما هو الا أثر من آثار الغزو الفكري، لتغريب المسلمين عن بعضهم البعض، وعن ثقافتهم الجامعة الموحدة للأجناس والشعوب واستبدالها بثقافة الغرب المنحطة.

وعلى نقيض ذلك تماما, يمنع الاسلام حين تطبيقه التمايز في الأقاليم والمدن، ولا يسمح بوجود فواصل وحواجز بين بين مسلم ومسلم, بل يصهرها ببعضها البعض. ويفتح مجال الحركة لعامة الشعوب بين هذه الأقاليم والمدن مهما كانت نسبة الاختلاف في عاداتها وطبائعها.. لتتعارف فيما بينها وتآزر وتتشارك في السراء والضراء, فالجامع بيهم عقيدة متينة تخول لكل فرد منهم العيش في دولة لا حدود لها ما دام نظامها المطبق يهم كل من يعيش على وجه البسيطة.

أحمد بنفتيته

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )