« النهضة » و « النداء » تعليق التوافق بالتوافق

« النهضة » و « النداء » تعليق التوافق بالتوافق

بعد اتضاح الرؤية بخصوص موعد اجراء الانتخابات القادمة بشقيها التشريعي والرئاسي.. حيث تأكد عدم تأجيلها تنفيذا لأوامر وفد الكونغرس الأمريكي الذي زار تونس مؤخرا – لجنة الشراكة من أجل الديمقراطية -.. بدأت الاستعدادات الحثيثة لخوض غمار معركة استقطاب الناخبين وكسب أصواتهم. كل حسب ما يحمل في جرابه من حيل تمكنه من الضفر بمقعد على منصة الحكم. وأغلب الطامعين في نعيم الكراسي سيدخلون السباق في شكل ائتلافات وجبهات وتحالفات.. باستثناء رأسي الحكم في تونس « حركة النهضة » وحركة  » نداء تونس ».. فقد اختار كل منهما الانفصال عن الأخر وانهاء ما بات يعرف بالتوافق والذي بفضله حسب زعمهم جنب البلاد طوفانا من الدم, وجعل البلاد تنعم بالأمن والاستقرار.. وتحظا بتقدير دول العالم, والكبرى منها بالخصوص. هذا ما كان يردده مريدو الشيخين  « راشد الغنوشي  » و »الباجي قائد السبسي » ويصدقه باقي الدراويش…

قلنا لكل طامع في مكسب من مكاسب الحكم حيله وألاعيبه ليرهب أعين وعقول الناس. حتى يخيل لهم  أنه الأصلح لرعاية شؤونهم, والسهر على خدمتهم لا على خدمة المسؤول الكبير وبلاده. والحال أن جميعهم افرازات لنظام فاسد لا يخرج نباته إلا نكدا.. وان اختلفت الأسماء والعناوين.

اذن الأمر لا يعدو كونه حيل وألاعيب. وهذا ما يتقنه عرابا الدجل السياسي « راشد الغنوشي » وشريكه  » الباجي قائد السبسي « ..

وبالعودة إلى مرحلة تأسيس حركة  « نداء تونس » نجد أن ما جعل هذه الحركة تلد بذلك الحجم هو حقنها المستمر بهرمونات زادتها بسطة في الجسم وجعلتها تبدو من حيث الحجم وكأنها مولودة منذ عقود.. وتلك الهرمونات التي حولت حركة هي في الأصل من النوع الخدّج تظهر بهيئة المارد العملاق، تتمثل في شيطنة حركة النهضة.. وربط تأسيس  » الباجي قائد السبسي » لحركة  » النداء » بمنع تغول النهضة. لهذا جمع حوله كل مناوئ لها وكل رافض لأي أثر للإسلام ولو كان مجرد بداية الحديث بالبسملة.

وحتى يكون نمو ذلك الجسم الهجين بالسرعة المطلوبة, كان لابد من حقنه بمزيد من هرمونات التضخيم والتفخيم.. وهذا ما قامت به حركة  » النهضة » فلا تكاد تمر مناسبة يجتمع فيها أنصارها إلا وتسمع  خطبا عصماء تحذر من هذا الغول الذي أطلقه « الباجي قائد السبسي » في الساحة السياسية, وإن لم يقع التصدي له سيأتي على الأخضر واليابس.. يقولون هذا وهم من أسقط قانون تحصين الثورة.. ولعبوا دورا أساسيا في عودة التجمع المنحل متخفيا خلف النخلة التي استوردها  » الباجي  » وكتب على جذعها حركة « نداء تونس « .

نعم لقد تمت صناعة تلك الحركة بالكيفية التي ذكرنا.. ولولا النهضة لما كان هناك شيء اسمه النداء, وكل ما فعلته حركة  » النهضة » كان على وعي وبصيرة من رئيسها  » راشد الغنوشي  » وبطانته.. فالمسؤول الكبير يقلقه كثيرا عدم وجود أحزاب من الحجم الكبير ويجب التركيز على الحجم لأن المحتوى تشترك فيه جميع الأحزاب العلمانية لكن أحجامها دون المأمول ولا تفي بالغرض. وبمجرد أن استتب الأمر للحركتين  « النهضة » و النداء ».. تخلى كل منهما عن سلاحه المرفوع زمن الحملة الانتخابية, وسقطت الأقنعة, وبان الجميع على حقيقته, فكان التقارب والانسجام بين الشيخين. والكل يبارك ويثمن. والذريعة هي أن الوضع دقيق وحرج, لذا لا مفرّ من التوافق لتجنيب البلاد ما لا تحمد عقباه..

ولكن الحقيقة عكس ما روجوا اليه تماما. فالمسؤول الكبير هو من فرض عليهم توافقهم, لأن تحت جناح ظلمته يتم تهميش القضايا الكبرى وتمييعها, وبالتالي يتسنى له مواصلة احكام قبضته على البلاد والاستمرار في نهبها… هذا وبما أن ولادة ونمو حركة « نداء تونس لم تكن طبيعية, تقلص حجمها, وتشتت أعضاؤها, وشارف جسمها على التلاشي والاندثار.. مما يجعلها غير قادرة على تحمل مشاق الحملات الانتخابية. كان من الضروري إدخالها مجددا إلى قاعة العمليات وحقنها مجددا بكل ما يلزم من العقاقير والهرمونات التي تعيد لها حجمها الذي كانت عليه لحظة ولادتها. ولإتمام ذلك اختاروا من الهرمونات أجودها ومن العقاقير أنجعها ألا وهي فك الارتباط مع النهضة. فذلك يساعد على لمّ الشتات وايجاد من تقع شيطنته مما يسهم في ربح المعركة. والشيء نفسه بالنسبة لحركة  » النهضة » التي ستركز زمن الحملات الانتخابية على شيطنة « النداء » وقبل ذلك ستتمكن من ارضاء من أغضبهم التقارب بين الحركتين. وبمجرد أن تضع حرب الانتخابات أوزارها, سيأتي من يضطلع بدور المصلح والناصح الأمين, ويجتمع بالشيخين ويتمكن من اصلاح ذات البين. تماما كما فعل رئيس حزب « اتحاد الوطني الحر » من قبل في مسرحية ساذجة ومبتذلة. سيجتمع الشيخان ويعلنان العودة للتوافق مجددا من أجل تونس وأمنها واستقرارها.

لذا, فالتوافق بين الحركتين لم ينتهي. وكل ما في الأمر انه وقع تعليقه, أو بالأحرى تم تغيير شكله فحسب. فالتوافق هو سيد الموقف حتى في اعلان القطيعة. وفي جميع الحالات ما يهمهم هو أن تؤدي جميع التوافقات إلى تقاسم الفتات المتناثر على طاولة المسؤولين الكبار بالتوافق.

حسن نوير

CATEGORIES
TAGS
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus (0 )